السيمر / فيينا / الاربعاء 28 . 10 . 2020
سليم الحسني
في زمن مضى، كانت النجف الأشرف تنتفض ثائرة حين يتم الاقتراب من مقدسات الإسلام. تتحول الى بركان غضب، فالنجف الأشرف قلعة التشيع وعاصمته، ومنبر الإسلام العالي، فيها تكون الفكرة، ومنها يصدر الموقف واليها تتجه الأنظار والقلوب.
أساءوا لمنقذ الإنسانية، لهادي الدنيا، لحبيب الله وأشرف خلقه، وكان المتوقع أن تغضب النجف الأشرف، أن تنطلق الأصوات المدافعة عن الرسول، وأن تكون هي الأولى من بين مدن المسلمين، ففيها ضريح أمير المؤمنين عليه السلام وصي رسول الله.
سكتت النجف الأشرف، اختفى صوتها، لم تعد كما كانت، مع أن الزمان زمانها.
ما الذي جرى في مدينتك يا أمير المؤمنين؟
هل انتهى عصر الآخوند الخراساني والميرزا الشيرازي والشيخ كاشف الغطاء والشهيدين الصدرين والسيد الخوئي؟
أسيرة مدينتك يا عليّ.. شقشقتك منسيّة، ومنبرك مهجور. ضاعت كلماتك يا صوت الحق. وضاع بريق النجف الأشرف في التصدي للانحراف والتيارات الفكرية المستوردة والأفكار الوضعية.
صمتٌ رهيب.. صمت مريب، لا خطبة ولا بيان، ففي النجف غرفة موصدة وحارس في رأسه ألف حساب.
ليتك أيها التاريخ أعمى، ليتك مقطوع اللسان. هل ستكتب أيها التاريخ؟ هل ستروي؟
أكتب أيها التاريخ:
في النجف الأشرف لا تموت الروح، لا تندثر الحقائق، لن يبرد الدم في عروق ابنائها، فترابها منبت الثائرين.
وأكتب أيها التاريخ:
لم يكن صمتاً في النجف، إنما حارس على الباب بيده الختم والمفتاح، فيمنع الكلمة والصوت والاشارة، يُحدد بمقياسه المسموح والممنوع، وعينه على ما وراء البحار، يحابي الصليبيين ويرعى اتباعهم وله رجال مع رجالهم.
يا حارس الباب، أحدثتَ في العراق الكثير، أربكتَ الكثير من الأوضاع. مشروعهم الناعم ضد التشيع الأصيل يلامس رغباتك، فبسطتَ له الأسباب، وقرّبتَ الى أهم المواقع من تريد، لكنك لن تفلح، هي دورة زمن قصيرة وتزول.
٢٨ تشرين الأول ٢٠٢٠