السيمر / فيينا / الثلاثاء 21 . 09 . 2021
هاتف بشبوش
أنا القادم من الجنوب العراقي البعيد ، في ضيافةِ زهرتي لوتس أفريقية أمازيغية ، الكاتب الدكتور سعيد محمد سعيد ، وعقيلته الفاضلة الشاعرة الدكتورة كريمة نور عيساوي وكلاهما إستاذان في الأدب المقارن في جامعة تطوان وفاس . وأنا أقف يا سعيد على ضفة ماء نبع فاس هذا الذي نرى فيه هشاشتنا جميعا ، هذا الذي جاءت منه موسومية المدينة ذاتها ، فأتذكرُ إبداعك المممتد من إبن طفيل وعلال الفاسي الى إبن خلدون فيتراءى لي أنني أراك كما هذا الماء الأدريسي الهادر بمولاه وأناسه السابلين غداة فجرٍ وغروب . وأنا أقرأ تحيّات عبيركِ ياكريمة النور فتشرئب ذاكرتي أيضاَ الى عنوان فاس الذي وجده على قطعة من الذهب المصفى الكاتب الافريقي ( ليون ) . فأنتِ من القيراط الأربع والعشرين ، المستنيرة والنيّرة التي لاتتماثلُ عندها الأزمنة والدهور . فماذا عساي أن أقل عن فرحتكم البادية على وجوهكم التي توجتموها بإسكاني في بيتٍ طويلٍ عريض وحدي ووحدي . أراني أتجدد بطيور المنطقة وربما أنا إبن سديم الدهاليز الضيقة المزدحمة بفرص التسوق والسياحة في فاس تلك التي سبلتُ بها كما في شارع نيفيل أو النرجس ووادي فاس ، فكنتُ وكنتُم وكانوا من أحد الكائنات البشرية التي سطّرت حكمة الفناء والوجود . أنا سعيد بكم وبنسيجكم الادبي المقارن وإبداعكم الذي جعلتموه الرهان الوحيد البعيد عن اشتراطات السياسة والعقائد . أنا مغتبط بكما لكونكما إثنان على الدرب الطويل حيث إمتزاجات المادة بالروح ، تشابك الكائنات مع الممكنات أمام إرهاصات مستديمة ولانهائية . وربّ عشتار وسومر في دمي وأوصالي أنتم من جسّد لي كرم العائلة المغربية والمغرب التي إشتهرت بقائدها العربي طارق بن زياد هذا الذي عرفناه بقولته ( البحر من ورائكم والعدو من أماماكم) لكنه إنتهى متسولاً معدما حتى مماته في صومعةٍ لأحد الجوامع وهذه هي إحدى شطحات العرب السوداء وتأريخها المذلّ . ولما إنتهيت من معشركم الفيّاض بشساعة صبركم وبمعية حلاوة الدنيا وزينتها أولادكم الساكنين في شق ذاكرتي وحبي أيمن وأياد ولؤي ، فعليه حين إنتهى الشوط المخصص لي في هذه الحياة وفيما يخص زورتي اليكم فيتوجب القول : أيها ألأدارسة المعسولين بحب الصديق ، الليلُ بتنا عندكم.. والصبح .. الصبح في شموس طنجة إبن بطوطة .
*شاعر وناقد عراقي