الرئيسية / مقالات / أحمد طالب الإبراهيمي من خلال رسائله

أحمد طالب الإبراهيمي من خلال رسائله

السيمر / فيينا / الأحد 07 . 11 . 2021  

معمر حبار / الجزائر

مقدمة القارىء المتتبّع للرسائل

وضع أكبر الأبناء “وليد” تحت تصرفي الكتاب. فأنهيت قراءته في نفس الأسبوع. فله من الأب، والقارئ كلّ المحبّة، راجين له السّداد والتّوفيق.

Ahmed TALEB IBRAHIMI “Lettre de prison (1957-1961)”, Dar EL Ouma, Troisiėme ėdition augmentée, Mai 2001, EDition janvier 2010, Alger, Algérie , Contient 177 Pages.

ينتمي أحمد طالب الإبراهيمي لجيل الثورة الجزائرية الذهبي، الذي أبدع وتفوّق في الكتابة باللّغة الفرنسية من أمثال محمد ديب، ومالك بن نبي، وميلود فرعون رحمة الله عليهم، وغيرهم كثير من الذين لانعرفهم ولم نقرأ لهم.

الكتاب عبارة عن 87 رسالة وجّهها أحمد طالب الإبراهيمي لشخصيات جزائرية، وعربية، وفرنسية، وأخيه، ورجال فكر، وقساوسة.

شملت الرسائل مواضيع مختلفة: سياسية، ودينية، وفكرية، وشخصية.

كتبت الرسائل سنوات: 1957-1961. مايعني فترة أواسط الثورة الجزائرية، والعام الأخير قبل استرجاع السيادة الوطنية. ولذلك كانت أغلب المواضيع تتعلّق بالثّورة الجزائرية، وما يحيط بها.

كان عمره حين كتب الرسائل: 25- 29 سنة.

عمره لغاية سنة 6 نوفمبر2021، هو: 1 يوم، 10 شهر، 89 سنة. باعتباره من مواليد 5 جانفي 1932.

أحمد طالب الإبراهيمي كثير القراءة

يتّضح من الرسائل أنّ أحمد طالب الإبراهيمي، رجل كثير المطالعة، ومهتم بعالم الكتب والقراءة، ويحسن كيفية القراءة من زاويته.

وقفت على عبارته وهو يتحدّث عن حالته: أنا الآن في حالة صحية متدهورة، ولذلك اكتفيت هذه الأيام بقراءة بسيطة سهلة وليست معمقة. مايدل أنّه يقرأ بنهم حتّى وهو طريح الفراش.

لاأضيف جديدا إذا قلت أنّ أسلوب أحمد طالب الإبراهيمي ينتمي لأسلوب الجيل الذهبي من الكتاب الجزائريين أيّام الاستدمار الفرنسي من حيث الإتقان، والروعة، والتميّز، والدّقة، والجمال، والكمال، وسلامة اللّغة.

كثير القراءة، ويطلب الكتب لقراءتها، وطيلة سنواته في السجن.

حياته من خلال رسائله:

واضح أنّه لم يتعرّض وهو في السجن للتعذيب، والاستنطاق. ماجعله -في تقديري- لايكتب عن ظروف السجن، باستثناء بعض اليوميات المعروفة.

كان يسعى وهو في السجن لتسجيل نفسه في كلية الآداب بالجامعة الفرنسية لدراسة التاريخ، الذي كان يشغله منذ صغره. مايعني -في تقديري- لم يكن يشغله الطب، ولذلك لايجد القارى أثرا للطب في كتاباته. 36. وغيّر موقفه، ليطلب تسجيله في تخصّص علم الاجتماع. صفحتي 06و61.

لماذا أخفى فضل الزوايا في تعليم اللّغة العربية؟

قال: “كلّ جزائري تعلّم اللّغة العربية منذ سنة 1930، فهو مدين بطريقة مباشرة أو غير مباشرة للجمعية. 127 (أقول: هذه الشهادة مبالغ فيها، وأين دور الزوايا؟).

يرى أنّ العقبى غادر الجمعية سنة 1939، ليتحوّل بعدها إلى عميل ثمين للحكومة العامة.

أخفى الأسماء واستعمل الرموز

تعمّد عد ذكر بعض الأسماء واستبدلها برموز كقوله: “إلى مناضل جزائري”، و”إلى صديق فرنسي”.

واستعمل حرف G كرمز وهو يتحدّث عن شخص رفض عمدا أن يذكره. 32و36و و60. و130 و xyz. ولم يذكر الأسباب، رغم طبع الكتاب عدّة مرّات.

تحصل على شهادة الطب سنة 1956. ص38، ويذكر في صفحة 40 كتاب، ثمّ يعقّب بين قوسين قائلا: “نسيت الكاتب”. مايعني أنّه تعمّد عدم ذكر الأسماء.

أحمد طالب يبرّر لفرحات عباس خيانته وقولته المشؤومة

برّر لفرحات عباس قولته المشؤومة: “أنا فرنسا وبحثت عن الجزائر في المقابر ولم أدها؟ !” بقوله: “السبب في قول فرحات عباس هو: لو أنّ فرنسا وهي تحتلّ الجزائر بالقوّة وتحطّم كلّ آثار للثقافة الوطنية، لوجد فرحات عباس المدارس التي تعلّمه العربية وحقيقة الأمّة الجزائرية. لكن لم يكن له خيار. ولم يكتفي الفرنسيون بتعليمه لغتهم، وثقافتهم؛ وعلّموه أيضا أنه لايوجد شيء خارج هذه الثقافة وأنّ تاريخ الجزائر يبدأ من سنة 1830”. ومهما كانت الأسباب فإنّ التّبرير لمتنكّر للجزائر لايليق ولو كان دفاعا عن الجزائر، وضدّ المجرم ديغول.

أحمد طالب الإبراهيمي ومالك بن نبي

يلتقي مع مالك بن نبي في نقاط عدّة، كـ: نظرته لابن خلدون، والمستشرقين، و”النخبة الجزائرية؟!” التي باعت نفسها للاستدمار، ووحشية الاستدمار، والمطالعة، ونقده للجميع، واحترام للآخر رغم انتقاده.

يلتقي مع مالك بن نبي في نقاط كثيرة وكثيرة جدّا. ويعتمدان على نفس المراجع كابن خلدون، وماركس، وتوينبي، ومحمد إقبال، وجمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده. وبنفس الشرح، والإعجاب، والنقد، واستحضار نفس الآيات القرآنية. وانتقاده لفكرة السهولة. أقول: لماذا كلّ هذا الاختلاف؟

يشبه مالك بن نبي في نقاط عدّة، إلاّ أنّ: بن نبي انتقد فرحات عباس، ولم يبرّرر له قولته المشؤومة. ومالك بن نبي ذاب في غاندي. وأحمد طالب الإبراهيمي انتقد ميل غاندي للعنف حي استشهد بقطع يدلّ على ذلك، رغم أنّه أثنى على سلمية غاندي.

قال: أشيد بسلمية غاندي، لكن لاننسى أنّه هو الذي قال: “أعتقد، إنّه الواقع، إذا بقي الاختيار فقط بين الحقارة والعنف، لاأتردّد في أن أختار الثانية”. ( أقول: أحمد طالب في هذه النقطة أفضل بكثير من مالك بن نبي الذي ذاب في سلمية غاندي. ولأوّل مرّة أقرأ الوجه الثاني لغاندي والمتمثّل في تفضيله للعنف وليس السلم). 71

وقوفي مع أحمد طالب الإبراهيمي في نقده لألبير كامي

أقف مع أحمد طالب الإبراهيمي في نقده لألبير كامي وهو يعاتبه بقوّة عن صمته تجاه جرائم الاستدمار الفرنسي، وقد تحدّث بعض الفرنسيين عن ذلك. 63

يسأله باستنكار: لماذا لاتتحدّث عن تعذيب الجزائريين من طرف المحتل الفرنسي؟ 63

يخبره بأنّه ومنذ 10 سنوات(ابتداء من سنة 1949) كنّا شباب نقرأ ومعجبون بلغتك. وعلى الأقل كنت مثالنا في الكتابة، وفرحنا كثيرا بنجاحك. والآن خيّبت رجاءنا بخيانتك. 63

يعاتبه لأنّه في مقالاته “مأساة القبائل” سنة 1939، يتحدّث بلسان الإندماجيين الرسميين”. 64

يذكّره بأنّه يعرف جيّدا معاناة الجزائريين، والظلم المسلّط عليهم من طرف المستدمر. وفي الأخير تنكّرت لها. 65

يصفه مستهزء: كامي، مغني العدالة والحرية، لم يكن لك مخرج إلاّ أن تقف معنا، نحن المحرمون المظلومن. 65

10سنوات مرّت ونحن نضع فيك الأمل. حيث سالت دماء، وانهمرت دموع على أرض الجزائر التي منحتك أعزّ مالديها. 66

لم نطلب منك أن تقاتل من أجلنا، وتموت في سبيل الجزائر. إنّما طلبنا شهادة حقّ. وتتمثّل الحقيقة في كون الجزائريين لم يأخذوا السّلاح، لرغبة في السّلاح. إنّما حملوا السّلاح لأنّه لم يكن لهم خيار آخر لاسترجاع حقّهم الذي سلبه الاستدمار الفرنسي. -66-67

الحقيقة، أنّ الذي مازلت ترفضه دوما هو رفضك لوجود أمّة جزائرية تسعى لبناء مستقبلها وبحرية. 67

مازلت تفرّق بين “الفرنسيين” و”العرب، وترفض عمدا التحدّث عن الثورة الجزائرية، وأنّ فرنسيين ويهود وقفوا مع إخوانهم الجزائرينن في المعتقلات والجبال والسجون والمدن. 67

مايؤسف له أنّك وقفت مع المستدمرين الأوروبيين في الجزائر، ووضعت الجزائري المظلوم من قبل الاحتلال الفرنسي في نفس درجة المستفيد من الاحتلال الفرنسي. 67

إنّك تتخلى عن كونك مثقف، وتتحدّث بلسان المحتل كالمجرم المحتل “سوستال”. وما زلت أسير فكرة المحتل: “الجزائر فرنسية” 68

مؤسف أن يلجأ في مقامك إلى اتّباع وسائل فاسدة غير صالحة. 68

تتظاهر بأنّ الجزائريين “إخوانك” العرب، ثمّ تتنكّر لإخوانك العرب. 69

تتظاهر أنّ الجزائر “أرضك الحقيقية”، ثمّ تتنكّر لماضيها لدرجة أن تحدّثت عن مدنها دون ماضي. 69

كان عليك أن تعرف أنّ الجزائر وإن كانت تنتمي للبحر الأبيض المتوسط، إلاّ أنّها تنتمي أيضا لإفريقيا والعرب. 69

يسأله تحت أيّة جهة طالب سنة 1956 بهدنة. (أقول: واضح أنّ كامي كان النّاطق الرسمي للاحتلال الفرنسي). 69-70

بعد 4 سنولت من الثورة الجزائرية أي سنة 1958، وبعد عامين من طلب الهدنة، مازلت تصف الثورة الجزائرية بالإرهاب، وتصف المجاهدين بأنّهم “محاربون أعداء” لايعرفون غير “الذبح والبتر والتشويه”. 70

تتحدّث عن الإرهاب خوفا على أمّك. ألا تعلم أنّ بعضنا فقد عائلته بأكملها بسبب تمشيط الجيش المحتل. وآخرون رأوا أمهاتهم يغتصبن أمامهم من طرف جنود المحتل، وبطريقة حقيرة. 70.

لاتقترح حلاّ للمسألة الجزائرية إلاّ من زاوية الاحتلال الفرنسي، وما يرضى عنه. “وضمن إيجابيات الاندماج والفدرالية”. 71

وأنت في الحقيقة معارض لاستقلال “وطنك” 71

ترى أنّ استقلال الجزائر غير شرعي لأنّه لم ينل رضى الرأي العام الفرنسي . 72

ترى أنّ استقلال الجزائر تعني “طرد مليون و200 مستدمر أوروبي؟!”. أتساءل: لماذا لاتنقل أبدا رأي الجزاىريين في هذا المجال؟ وفي الحقيقة فإنّ ثورتنا لاتعترف بالأوروبيين كسادة عليهم وليس كإنسان عادي”. 72

أصبحت مشهورا بصمتك وغيابك وحذرك تجاه الإهانات المرتكبة ضدّ “وطنك. 73

لم تتحدّث عن تعذيب وقتل إخوانك الجزائريين من أمثال جميلة بوحيرد، وبن مهيدي وغيرهم. 74

وصفت الجزائريين مستهزء بقولك: ” الجزائريين لهم عاطفة أكثر من العقل”. 74

المهانون البارحة، والثوريون اليوم، والعدول غدا؛ هؤلاء هم إخوتك. وهؤلاء هم الذين سيحرّرون الجزائر، ولن يقيموا لك حينئذ أيّ اعتبار. أمّا الذين عرفوك منذ 10 سنوات في الثانوية، فلا ينسوا أبدا أنّك رجل مسرحي ، أي رجل من العبث أن تجد لديك فرق بين الكلمة والفعل. 74

أفكار عامة مختلفة لأحمد طالب الإبراهيمي

لايبدو أنّ “استقلال تونس” كان ملهما لأحمد طالب الإبراهيمي، ويرى أنّه كان -حينها- ناقصا.

يرى أنّ مهمّة الجزائر تكمن في كونها رابط وصل بين الغرب والمشرق العربي.

يتحدّث عمّا يسميه: “أمراض طفولة الاستقلال”، ويقصد -في تقديري- استرجاع السيادة الوطنية شكليا، وتبقى التبعية في كلّ شيء للاستدمار.

يرى أنّ وحدة الجزائر أوّلا، ولا حرج بعد من الاستعانة بتجارب عربية وغربية تعزّز هذه الوحدة، حتّى ولو ظهرت تجاربهم متناقضة.

قسّم المستشرقين إلى 4 أقسام. 41

كان يثق بقوّة في إسترجاع السيادة الوطنية للجزائر. 90

يرفض بقوّة فكرة “الثقافة المتوسطية”، ويراها امتداد للامبريالية، ولا تصلح إطلاقا للجزائر التي عانت وما زالت من الاستدمار الفرنسي، ومحو اللّغة العربية، وكلّ مايتعلّق بالهوية العربية والإسلامية. 90

هو رجل قراءة، وكتابة، ونقاش، وحوار ويبدو -في تقديري- أنّه ليس رجل سياسي، ولم يخلق للسياسة. ومطالعة الكتب كانت من الأسس التي قاوم عبرها مآسي السجن.

إنّه قانون الثورات: يفجّرها البعض، ويستغلّها البعض لأغراضهم الشخصية (أقول: سبق أن سمعت لقائد الناحية الرّابعة سي يوسف الخطيب أمدّه الله بالصّحة والعافية)، نفس العبارة حين سئل عن الاغتيالات أثناء الثورة الجزائرية، فأجاب بالحرف: c’est la loi de la révolution . 120

أحمد طالب الإبراهيمي من دعاة حوار الأديان.

يستعمل باستمرار المصطلح الاستدماري المقيت: “حرب الجزائر؟!” عوض الثورة الجزائرية.

يذكر لأوّل مرّة “ثورة أول نوفمبر”، وبعد أن تحدّث عن “الثورة الجزائرية”. 44

يستعمل باستمرار مصطلح “المشكلة الجزائرية”، دون الحديث عن الاحتلال الفرنسي. 51

اترك تعليقاً