السيمر / فيينا / الأحد 25 . 12 . 2022
د. نضير الخزرجي
كما ولعت في صغري بمتابعة مجلة (مجلتي) وجريدة (المزمار) اللتان صدرتا في بغداد لطبقة الصغار واليافعين والمراهقين، وكنت أحتفظ بدورة كاملة من مجلة “مجلتي” انتزعها مني بحيلة غير محمودة زميل مدرسة كان قد نزل كربلاء مدينة سكناي حديثا، في الوقت نفسه ولعت في مراهقتي وبداية تسلقي لمدارج الحياة بمتابعة برنامج “وعند جهينة الخبر اليقين” الذي كان يُبث منذ عام 1973م من إذاعة الكويت وقدّمه أولا ولأشهر عدة الإعلامي والفنان الإردني الفلسطيني الأصل الشاب أسامة اسحاق المشيني (1950- 1985م) ثم تلاه الإعلامي والفنان اللبناني أحمد سالم القصاب (1934- 2012م) والإعلامية والفنانة المصرية ناعسة الجندي المتوفاة سنة 2021م، فكان اسلوبهما يشد المستمع فضلا عن حزمة من الأخبار المتنوعة التي كانا يأتيان بها ويلقيانها على مسامعنا، فشخص في مقتبل العمر ينشد الحياة والتطور يحب أن يسمع كل جديد من أخبار ويزاد معرفة بما يجري في العالم، فكان هذا البرنامج هو جرعة من شراب هذا الزاد العلمي.
بالطبع كنا ندرك من العنوان أن البرنامج يقدم لمستمعيه حقائقَ أو معلوماتٍ يحب أن يشركنا في سماعها ومعرفتها قد لا نجدها في صحيفة أو مجلة أو كتاب، أو لا نسمعها من محطة تلفزة أو إذاعة، ولأن البرنامج كان ناجحا فكنت أحرص بين الفينة والأخرى على متابعته، وفي الوقت نفسه كنت أدرك من خلال القراءات الكثيرة المتنوعة أن جهينة شخصية تاريخية يضرب بها المثل على معرفة ما لا يعرفه الآخر، وقد تعدى جهينة سور الأمثال الى باحة الأشعار، ومن ذلك قول الشاعر في الحصين بن عمرو الكلابي الذي قُتل غدراً بسيف صاحبه الأخنس بن كعب الجهيني، وراحت أخته صخرة تبكيه وتسأل الركبان عنه (مجمع الأمثال: 2/3- 2383):
تُسَائِلُ عَنْ حُصَيْنٍ كُلَّ رَكْبٍ … وَعِنْدَ جُهَيْنَةَ الخَبَرُ اليَقِينُ
فَمَنْ يَكُ سَائِلًا عَنْهُ فَعِنْدِي … لِسَائِلِهِ الحَدِيثُ المُسْتَبِينُ
وربما نسبه الأديب أبو العباس أحمد القلقشندي المتوفى سنة 821هـ (1418م) في كتابه “نهاية الارب في معرفة أنساب العرب: 1/221” إلى جهينة خادم أحد ملوك اليمن الذي قتل وزير الملك غيلة وذلك عندما علم أن الوزير “نجيدة” يريد الغدر بمليكه من خلال بيت شعر أنشده الوزير في ساعة سكر وعربدة قائلا:
إذا غاب المليكُ خلوتُ ليلي … أضاجعُ عنده ليلي الطويل
وعندما سمعه الخادم غدر به وقتله، ولم يعرف الملك بقاتله حتى إذا سكر الخادم وعربد ذات ليلة وأنشد:
تسائل عن نجيدة كلَّ راكب … وعند جهينة الخبرُ اليقين
علم الملك بالقصة ولم يعاقب خادمه بل أكرمه وقرَّبه من مجلسه.
وحيث أنَّ الخبر اليقين عند جهينة، فإن المثل أو بيت الشعر هو في واقعه رواية منسوبة إلى النبي محمد (ص) ينقلها ابن عمر مرفوعة، وهو قوله: (آخرُ مَنْ يَدْخُلُ الجنَّةَ رجلٌ مِنْ جُهَيْنَةَ، يقالُ لَهُ: جُهَيْنَةُ، فيسألُهُ أهلُ الجنةِ: هَلْ بَقِيَ أحدٌ يعذَّبُ؟ فيقولُ: لَا، فيقولونَ: عندَ جُهَيْنَةَ الخبرُ اليقينُ) لسان الميزان: 2/93، وبغض النظر عن تكذيب عدد من أصحاب الكتب والحفاظ لمثل هذه الرواية، فإن جهينة في الأدب العربي لا ينحصر بشخصية واحدة بعينها فرداً كان أو عشيرة، وإن كانت كتب التاريخ ترجع الإسم إلى الجد الجاهلي جهينة بن زيد بن ليث القضاعي القحطاني (معجم قبائل العرب: 1/216)، وإنما لها تمثلاتها في أكثر من شخص وأكثر من رواية، ولكن في المحصلة النهائية أن الخبر اليقين نجده عند جهينة الذي يمكن أن يكون علان بن فلان أو سين بن شين لا فرق.
وعند جهينة خبر الأسر
ومن جهينة العَلَم كإسم إلى جهينة المدينة الواقعة بين تكريت والموصل في العراق، وهي ما ساقتني الى هذه المقدمة، وأنا أتابع بالقراءة الموضوعية المدن والبلدات التي وقف عندها ركب الأسرى الحسيني بعد واقعة الطف واستشهاد الإمام الحسين (ع) في العاشر من محرم الحرام سنة 61هـ، هذا الركب الذي كان على رأسه الإمام علي بن الحسين السجاد (ع) وعمّته الصابرة زينب بنت علي (ع) وهم يساقون أسارى من كربلاء الى الكوفة ومن الكوفة الى دمشق حيث مركز الحكم.
هذه المدينة وغيرها من المدن الواقعة على الطريق القديم بين الكوفة ودمشق يتابعها بعين الباصرة المحقق آية الله الشيخ محمد صادق في الجزء الثالث من كتاب “أطلس السيرة الحسينية .. أطلس ركب الأسرى” الصادر في لندن حديثا (2022م) عن المركز الحسيني للدراسات في 646 صفحة من القطع الوزيري، إذ يلاحق المؤلف المدن التي مر منها أسرى واقعة الطف عبوراً أو مبيتاً وهم يساقون على نوق هزيلة من الكوفة الى دمشق في طريق طوله نحو 1550 كيلاً قطعوها في 12 يوماً بدءاً من تاريخ الإنطلاق من الكوفة في 19 محرم سنة 61 حتى وصول أبواب دمشق في الأول من شهر صفر.
ولك أن تتصور عظم المعاناة التي لقيها النساء والأطفال الذين سيقوا الى الشام أسارى خلال الأيام الإثني عشر وما شاهدوه من أذى شرطة الحاكم وعيون الناس الذين كانوا ينظرون إليهم بوصفهم أسرى قطاع طرق أو من غير العرب كما وصفهم الإعلام الأموي، فبعضنا يستصعب السفر لخمس أو سبع ساعات بالطيران رغم الراحة في مقاعد وفيرة ووجبات الطعام والشراب والخدمة المريحة بخاصة اذا كان حاجزاً في الدرجة الممتازة أو الدرجة الأولى.
مراحل ومعاناة
كان الجزء الثاني من أطلس السيرة الحسينية الذي حمل عنوانا جانبيا هو: “أطلس الركب الحسيني” قد اشتمل على محطتين من مراحل مسير ركب الإمام الحسين (ع) المنطلق من مسقط رأسه في مدينة جده رسول الله (ص) في الحجاز حتى استشهاده ومرقده في مدينة كربلاء وسط العراق، فالمرحلة الأولى تابع فيها المحقق الكرباسي حركة الركب الحسيني من المدينة المنورة بدءاً من 29 رجب سنة 60هـ حتى الوصول الى مسقط رأس أبيه علي بن أبي طالب (ع) مكة المكرمة في 4 شعبان من السنة نفسها، قطع فيها مسافة 434 كيلاً في نحو 89 ساعة حركة، بات فيها أو مر على 16 منزلاً وبلدة، وتابع في المرحلة الثانية خروج الركب الحسيني من مكة المكرمة بدءاً من سحر يوم الخميس 3 ذو الحجة من سنة 60هـ ووصوله كربلاء المقدسة ضحى يوم الخميس 2 محرم من سنة 61هـ في مسافة طولها 1273 كيلاً قطعها في 222 ساعة حركة بات فيها الركب الحسيني أو مرَّ على 57 منزلاً وبلدة، ومن ثم استشهاده مع أهل بيته وأنصاره في العاشر من محرم الحرام في طف كربلاء.
ويواصل المؤلف في الجزء الثالث الذي أخذ عنواناً جانبيا هو: “أطلس ركب الأسرى” متابعة بقية المراحل التي قطعها ركب الأسرى الحسيني، وهي أربع محطات:
الأولى: المرحلة الثالثة من كربلاء حتى عاصمة إمارة العراق الكوفة في مسافة طولها 72 كيلاً انطلق الجيش الأموي بركب الأسرى الحسيني من ظهر يوم السبت 11 محرم الحرام سنة 61هـ والوصول مساءً من اليوم نفسه ولقاء والي الكوفة عبيد الله بن زياد بن أبيه بركب الأسرى صباح يوم الأحد 12 محرم الحرام.
ثانيا: المرحلة الرابعة من الكوفة إلى دمشق عاصمة الدولة الأموية في مسافة طولها 1753 كيلاً، إنطلق العسكر الأموي بهم فجر الأحد 19 محرم الحرام والوصول الى بوابة دمشق الأول من شهر صفر سنة 61هـ.
ثالثا: المرحلة الخامسة تغطي طريق العودة من دمشق إلى كربلاء عبر منازل وبلدات الصحراء الغربية للعراق كواحدة من الطرق الخمسة الواصلة بين الشام والعراق بدءاً من ليلة الأحد 12 صفر والوصول الى قبر الإمام الحسين (ع) في كربلاء نهار الثلاثاء 20 صفر.
رابعاً: المرحلة السادسة والاخيرة تغطي طريق العودة المؤلمة من كربلاء حيث مدفن الحسين (ع) الى المدينة المنورة حيث مدفن أمه الزهراء (ع) ومساكن النساء والأطفال وبقية عترة النبي محمد (ص)، بدءاً من نهار الجمعة 23 صفر والوصول عصر يوم السبت 8 ربيع الأول سنة 61هـ.
محطات وتاريخ
كان بإمكان المحقق الكرباسي أن يطلق على هذا الباب من دائرة المعارف الحسينية اسم “حركة الركب” أو “مسيرة الركب” دون الحاجة إلى كلمة “أطلس”، ولكن لما كان الباب قد أدخله في “قسم الجغرافيا” وحشّده بكم كبير من الخرائط الجوية والأرضية والتخطيطية واللوحات والرسومات والجداول، فكان حقيقاً أن يطلق عليه “أطلس السيرة الحسينية”، فقد ضم هذا الجزء كسابقه عشرات الخرائط، حيث أفرد لكل منزل أو مدينة مرّ منها ركب الأسرى أو نزل فيها وبات صورة جوية (غوغولية) وخارطة ورسم تخطيطي يوضح المسافة بين المنازل في كل مرحلة، وإسعاف الخرائط بصورة لذلك المنزل أو بقاياه، وبخاصة وإن عدداً من المنازل التي رصدتها كتب التاريخ والجغرافية عن مسير أسرى الركب الحسيني قد هجرها أهلها وصارت في حساب النسيان ولم يبق منها إلا بقية آثار أو انطمرت كلياً وهو ما زاد من صعوبة مهمة المحقق الكرباسي في تتبع الأثر، ولكن همته العالية ذللت تلك الصعاب وأمكنته من بيان مواقع المنازل المندثرة بالاعتماد على نصوص ومتون تاريخية أو التماس معادلات الإحتمالات التي يلجأ إليها الباحث إذا صفرت في جعبته المعلومة التاريخية الجغرافية ولاسيما لتشخيص الموقع والمسافة بين منزل وآخر.
من هنا فإن محطات المرحلة الثالثة (كربلاء- الكوفة) تضمنت خرائط ست وصوراً أربع وجداول ستة، فيما تضمنت محطات المرحلة الرابعة (الكوفة- دمشق) (75) خريطة و(42) صورة بين حديثة وتاريخية وأثرية وجداول ستة، وتضمنت محطات المرحلة الخامسة (دمشق- كربلاء) خرائط ثلاث ومثلها من الصور وجدولاً واحداً، وتضمت محطات المرحلة السادسة (كربلاء- المدينة) صوراً سبع وجدولاً واحداً.
وكان المؤلف من قبل قد شفّع محطات المرحلة الأولى بـ (5) لوحات، والصور (42)، والخرائط (3)، والصور الجوية (24) والمخططات والرسوم التوضيحية (5)، والجداول (7)، فيما شفَّع محطات المرحلة الثانية، بلوحة واحدة، ومن الصور (93)، ومن الخرائط (2)، ومن الصور الجوية (120)، ومن المخططات والرسوم التوضيحة (1)، ومن الجداول (19).
ولما كان للطريق بين العراق والشام الكبرى أكثر من مسلك ودرب، فكانت المهمة اصعب على المحقق في بيان حقيقة المنازل أو البلدات التي نزل فيها أو اجتازها ركب الأسرى الحسيني، ولكنه ذكر المنازل واهتدى من خلال سبر الجغرافية ومتون التاريخ إلى تشخيص الطريق بين الكوفة ودمشق فكانت 27 منزلاً وهي على التتابع: (0) الكوفة، (1) سورا (2) القادسية الشمالية (3) تكريت (4) الكُحَيْل (5) جُهَيْنَة، (6) الموصل، (7) تلعفر، (8) سنجار، (9) لين، (10) نصيبين، (11) عين الوردة، (12) حرّان، (13) دوسر، (14) بالس، (15) حلب، (16) كفر نبو، (17) قِنْسَرين، (18) معرّة النعمان، (19) كفر طاب، (20) شيزر، (21) حماه، (22) حمص، (23) جوسية، (24) النحلة، (25) بعلبك، (26) صومعة الراهب، (27) دمشق.
واختلف طريق الإياب في محطات المرحلة الخامسة عن طريق الذهاب في المرحلة الرابعة، ومرة أخرى كانت المهمة صعبة على المؤلف في التثبت من المنازل نظراً لتعدد الطرق والدروب بين حدود الشام والعراق من الجهة الغربية، وإن كان الغالب على المسافر اتخاذ طريق المدن والمنازل الواقعة على ضفتي نهر الفرات القادم من تركيا عبر سوريا نحو العراق ومصبَّه في شط العرب جنوب العراق.
وبشكل عام هناك طريقان رئيسان ذكر أحدهما المؤرخ والجغرافي عبيد الله بن خرداذبة المتوفى سنة 280هـ (893م) في كتابه “المسالك والممالك: 99″، وهو على النحو التالي في 15 منزلاً: دمشق، المنزل، الأذرعات، الأعناك، البقيعة، الساعدة، الرواري، القلوفي، الجبَّة، الخطى، الجمع، الحوشي، الأبيض، البقعة، القُطقُطانة، الحيرة، الكوفة.
والطريق الثاني ما أشار إليه المؤرخ والجغرافي محمد بن أحمد البشاري المقدسي المتوفى سنة 380هـ (990م) في كتابه “أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم: 252″، وهو على النحو التالي في 12 منزلاً: دمشق، رساتيق دمشق، تدمر، سلمية، حمص، بالس، الرقَّة، الرحبة، الدالية، هيت، الأنبار، الحيرة، الكوفة.
ولما كانت الحدود بين العراق وشبه الجزيرة العربية نحو الحجاز مكة والمدينة طويلة فإن الدروب هي الأخرى تعددت ما بين غرب العراق ووسطه وجنوبه، والحصيلة أن بقايا الركب الحسيني في طريق العودة إلى المدينة المنورة مر بالطريق السالكة آنذاك على النحو التالي في 15 منزلاً: كربلاء، القادسية، المغيثة، القرعاء، الواقصة، العقبة، الزُبالة، الشقوق، الثعلبية، الخزيمة، الفيد، سميراء، النقرة، العسيلة، حرة واقم، ثم المدينة المنورة.
مع حداة النوق
ومن يتفحص متون الكتاب ويتنقل ما بين مدينة وأخرى كما تقودنا بوصلة الكرباسي وهو يتهادى بنا مع حداة الأبل والنوق من منزل لآخر، سيجد الكثير من المعلومات المعرفية على مستوى التاريخ والجغرافية والحوادث، وتنطبع في ذهنه صورة المجتمعات في ذلك العصر وموقفها من مأساة كربلاء، ومعالم خطوط الصراع القائم آنذاك، والأثر الذي تركته حركة الأسرى من مقامات ومراقد في شمال العراق وغربه وفي جنوب تركيا وشمال سوريا والعاصمة دمشق وشمال لبنان، وصارت هذه المقامات والمراقد في منازل البلدان الثلاثة مزارات للمسلمين على طول السنة مثلها مزارات رأس الحسين (ع) في القاهرة ورأس الحسين (ع) بعسقلان فلسطين ومرقد السيدة زينب (ع) في القاهرة.
هذه الحقيقة التي تسجلها عدسة كل باحث وقلب كل محب يؤكدها الدكتور سورخاي محمد محمدلي إمام جمعة مسجد إچریشهر في عاصمة آذربايجان باكو الذي كتب مقدمة مطولة لهذا الجزء من الموسوعة الحسينية باللغة الآذرية، معتبراً أن ما نراه اليوم يشكل انتصاراً للحق والحقيقة، فمعركة كربلاء سنة 61هـ انتهت بموت البطل ولكنها شكلت علامة فارقة في انتصار البطولة على مستوى مستقبل الأمة وصالحها في الدارين.
وأضاف القاضي الشيخ محمدلي ممثل مسلمي مدينة إچریشهر لدى مكتب مسلمي القوقاز أن كتب المقاتل لها أن تسجل مقتل الإمام الحسين (ع) وأن البعض ينظر إلى موته هزيمة واعلان الطرف الآخر منتصراً، ولكن تبقى الحقيقة ناصعة أن النصر الواقعي لا يعني أبداً أن يحيا الإنسان ويموت العدو، فالنصر الحقيقي أن تبقى أهداف الثائر والمصلح حتى وإن مات بجسده في ساحة المعركة، فالموت الحقيقي هو موت الأفكار التخريبية وإحياء الأفكار الإصلاحية وهو ما قام به الإمام الحسين (ع) حتى صارت حركة الحسين (ع) الإصلاحية مطلب كل مصلح في شرق الأرض وغربها.
الرأي الآخر للدراسات- لندن