السيمر موقع عراقي مستقل
السيمر / فيينا / الثلاثاء 12 . 12 . 2023
د. عبد علي سفيح
شدني فضولي خلال قراءتي للأدب الفرنسي بمعرفة لماذا كتب كل من الفيلسوف (مونتسكيو وفولتير) وهم من أكبر فلاسفة النور ومفكريها عن الصورة السحرية والغريبة التي ميزت بلاد فارس(ايران) رغم المسافة الكبيرة التي تفصل بين فرنسا وإيران؟ وجدت بعد ذلك لقد اكتسبت هذه المنطقة مكانة خاصة في المخيلة الأوربية ومنها غمرت الحكمة والفلسفة كتبهم عن إيران شيء لا يصدق.
كتب الفيلسوف مونتسكيو كتابه الشهير “رسائل فارسية” والذي يعد من أبرز آثار أدب القرن الثامن عشر؛ ولقد نصح بقراءة هذا الكتاب كل من (فولتير وجان جاك روسو وفليمان وجوستاف لانسون).
وان تاريخ الافكار هو مجال من مجالات البحث في التأريخ الذي يرتبط في كثير من الأحيان بتاريخ الأديان وبتاريخ العلم والتاريخ السياسي، وهو مجال أيضًا قريب جدًا من منهجيته من الانثروبولوجي الثقاف وفلسفة الأفكار، واول من قام بتدريس هذا العلم هي جامعة اوبسالا في السويد. ومن أشهر المنظرين لهذا المجال هم كارل مانهايم الألماني (1) وكوينتان سكينن البريطاني(2) وارثور لوفيجوي الألماني وميشل فوكو الفرنسي.
والتاريخ الفكري يختلف عن تأريخ المفاهيم، في أن الأخير لا ينوي الانفصال عن التاريخ الاجتماعي الذي يقوم عليه(3). وهذا الإتجاه ظهر في نهاية الستينات وخاصة تاريخ الخطاب الذي يمثله (جون كريفيل) في جامعة كامبريدج.
اما القرن السادس عشر تميز هذا بتطور الأفكار الإنسانية، إذ ساهم اختراع الطباعة عام 1450م والذي تطور استخدامه بسرعة في الانتشار الأوسع والاسرع للمنتجات المكتوبة وللنصوص القديمة.
الانتشار الأوسع والاسرع للمنتجات المكتوبة وللنصوص القديمة. وهذا شجع تدريجيا على تطوير أفكار جديدة، كذلك التبادل بين المفكرين والمثقفين الاوربيين دعم وسهل ظهور تيار فكري ذو النزعة الإنسانية على المستوى الأوربي معتبرين الإنسان مركز العالم وأنه كائن مثالي موهوب بالعقل وقادر على ايجاد مكانه الصحيح في عالم سريع التغيير، ومن روادها في فرنسا (مونتين ورابليه) الذي عبر الاخير عن أفكاره عن طريق روايته المشهورة ” جارجانتو” التي كتبها في عام 1543.
والقرن السابع عشر قرن القيم الاخلاقية إذ تناول مفكرين وفلاسفة هذا القرن لأدب الأفكار موضوعات فلسفية ودينية مما أثارت الجدل في مسائل عدة منها مسألة حقيقة العالم، ومسألة النعمة الإلهية، ومسألة مكان الإنسان في الكون ، وطبيعة النفس البشرية، وادلة وجود الخالق. ومن أشهر مفكري هذا القرن هم باسكال، وديكارت، ولا فونتين.
إما القرن الثامن عشر فتميز هذا القرن بمحاربة فلاسفة ومفكرو التنوير التعصب الديني والظلامية. كذلك تميز بانتشار أفكار جديدة روج لها الفلاسفة مثل مونتسكيو، وفولتير، وجان جاك روسو، وديدرو، أراد هؤلاء نشر المعرفة وديمقراطيتها مقتنعين بأن المعرفة والتقدم من شأنه أن يبني مجتمعًا أكثر عدالة ومساواة ويعيش فيه الانسان بسعادة وأمان، هؤلاء الفلاسفة اسسوا الموسوعة أو القاموس المنطقي للعلوم والفنون( الانسكلوبيديا)، كذلك أدان فلاسفة هذا القرن عدم المساواة والظلم مستخدمين الأنعطاف عبر الخيال في الأدب مستوحاة من الحكايات الخيالية والشرقية للهروب من الرقابة والسجن، ومثال على ذلك كتاب” رسائل فارسية” لمونتسكيو الذي كتبه تحت اسم مستعار وطبعه في امستردام، وكتاب ” كانديد” لفولتير، وكتاب ” اصل عدم المساواة بين الرجال” و ” العقد الاجتماعي” لجان جاك روسو.هذه الطريقة سمحت للفلاسفة والمفكرين بإستخدام حيويته الساخرة لانتقاد المجتمع الأوربي في ممارسة العبودية والتعصب الديني وشن الحروب.
والقرن التاسع عشر هيمن على هذا القرن الأدب الرومانسي، وهي حركة فكرية على المستوى الأوروبي، التي تطرقت الى مجالات متنوعة مثل الأدب والفن والفلسفة والتاريخ والنقد، في فرنسا، هيمنة الرومانسية على الأدب في بداية القرن التاسع عشر، ومنهم الكاتب والمفكر فيكتور هيجو، والكسندرر دوماس، وشاتوبريان، والشاعر لامارتين. استمرت هذه الحركة حتى منتصف القرن التاسع عشر وفي عام 1850 برزت الواقعية. وبعد الواقعية برزت الطبيعية، وفي نهاية القرن التاسع عشر برزت الحركة الرمزية .
المصادر
1. K. Mnheim, Idéologie une Utopie, trad, it. Cit.1923.
2. Quantité Skinner, « meaning and understanding in the history of ideas », 8(1),1969.
3. Nicolas Offenstadit, le mot de l’histoire, presse universitaires, paris 2004.
