أخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / طباق الحياة والموت في القرآن الكريم (ح 1)

طباق الحياة والموت في القرآن الكريم (ح 1)

فيينا / الجمعه 07 . 06 . 2024

وكالة السيمر الاخبارية

د. فاضل حسن شريف

 طباق الحياة والموت في القرآن الكريم: جاء في تفسير الميسر: قال الله تعالى “فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا” (البقرة 164) أحياها: عفا عنها، و الإحياء هنا: العفو، أو نجاها من الهلكة. إن في خلق السماوات بارتفاعها واتساعها، والأرض بجبالها وسهولها وبحارها، وفي اختلاف الليل والنهار من الطول والقصر، والظلمة والنور، وتعاقبهما بأن يخلف كل منهما الآخر، وفي السفن الجارية في البحار، التي تحمل ما ينفع الناس، وما أنزل الله من السماء من ماء المطر، فأحيا به الأرض، فصارت مخضرَّة ذات بهجة بعد أن كانت يابسة لا نبات فيها، وما نشره الله فيها من كل ما دبَّ على وجه الأرض، وما أنعم به عليكم من تقليب الرياح وتوجيهها، والسحاب المسيَّر بين السماء والأرض إن في كل الدلائل السابقة لآياتٍ على وحدانية الله، وجليل نعمه، لقوم يعقلون مواضع الحجج، ويفهمون أدلته سبحانه على وحدانيته، واستحقاقه وحده للعبادة. قوله سبحانه “أَنَّىٰ يُحْيِي هَـٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا” (البقرة 259) أنّى يحيي؟: كيف أو متى يُحيي؟ أو هل رأيت أيها الرسول مثل الذي مرَّ على قرية قد تهدَّمت دورها، وخَوَتْ على عروشها، فقال: كيف يحيي الله هذه القرية بعد موتها؟ فأماته الله مائة عام، ثم ردَّ إليه روحه، وقال له: كم قدر الزمان الذي لبثت ميتًا؟ قال: بقيت يومًا أو بعض يوم، فأخبره بأنه بقي ميتًا مائة عام، وأمره أن ينظر إلى طعامه وشرابه، وكيف حفظهما الله من التغيُّر هذه المدة الطويلة، وأمره أن ينظر إلى حماره كيف أحياه الله بعد أن كان عظامًا متفرقة؟ وقال له: ولنجعلك آية للناس، أي: دلالة ظاهرة على قدرة الله على البعث بعد الموت، وأمره أن ينظر إلى العظام كيف يرفع الله بعضها على بعض، ويصل بعضها ببعض، ثم يكسوها بعد الالتئام لحمًا، ثم يعيد فيها الحياة؟ فلما اتضح له ذلك عِيانًا اعترف بعظمة الله، وأنه على كل شيء قدير، وصار آية للناس.

عن صفحة كلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة تشرين: فن البديع: يعرفه البلاغيون بأنه علم يعرف به وجوه تحسين الكلام. وهو تعريف قاصر يحصر وظيفة البديع في التحسين والتزيين في حين أن له دوراً أساسياً ومهماً في إثراء المعنى وربط أجزاء النص بعضها ببعض وهو بهذا المعنى يعد من أهم عناصر شعرية النص. ومن فنون البديع: الطباق: وهو الجمع بين الشيء وضده في الكلام , مثل: الجمع بين البياض والسواد، الخير والشر، الحر والبرد، الليل والنهار ويأتي هذا الجمع بين التلازم بين اللفظين المتضادين واستدعاء أحدهما للآخر , فالليل يستدعي النهار، والخير يستدعي الشر. وأنواع الطباق ; 1- طباق الإيجاب: وهو الطباق الذي يخلو من النفي (لا ، ما، ليس) والنهي (لا الناهية), گـ قول الشاعر: أما والذي أبكى وأضحك والذي * أمات وأحيا والذي أمره الأمر. فـ أما: حرف استفتاح تفيد التوكيد أبكى ـ أضحك: طباق أمات ـ أحيا: طباق. 2- طباق السلب: وهو الجمع بين الإثبات والنفي , أو الأمر والنهي في الجملة. گـ قوله تعالى: “قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون” يعلمون: فعل مثبت لايعلمون: فعل منفي. وأيضاً قوله تعالى: “فلا تخشوا الناس واخشونِ” *لاتخشوا: نهي… *واخشونِ: أمر 3-الطباق الوهمي: وفيه نتوهم التضاد بين لفظين , وهما ليسا متضادين في الحقيقة , وأغلب ما يكون هذا النوع من التضاد في الجمل المجازية گـ قول الشاعر: لاتعجبي يا سَلمُ من رجل *ضحك المشيب برأسه فبكى فهنا القارئ أو السامع يتوهم أن هناك طباقاً بين ضحك المشيب وبكى ولكن في الحقيقة غير ذلك لأن ضحگ المشيب ليس الضحك المألوف بمعناه بل هو يعني ظهور الشيب وانتشاره. أما البگاء هنا فهو البكاء الحقيقي , ولا تضاد بين ظهور الشيب والبكاء. 4- الطباق الخفي: وهو طباق غير ظاهر ولا يمكن معرفته أو الوقوف عليه إلا بعد تأمُّل وتفكُّر, گـ قول المتنبي: تمر بك الأبطال كُلمى هزيمةً  ووجهك وضاح وثغرك باسم. فـ هزيمة: تدل على الحزن والإنكسار. و وضاح: تدل على الفرح: فالحزن البادي على وجه الروم المهزومين يقابله فرح يعلو وجه سيف الدولة الذي يقصده المتنبي. وأيضاً قوله تعالى: “ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله” الليل والنهار طباق ظاهر. لكن الطباق الخفي غير الظاهر هو: بين لتسكنوا، حيث إن السكون يعني النوم والهدوء، لتبتغوا: والابتغاء يعني العمل والجهد والحركة. فـ ابتغاء الفضل يبتغي الحركة وبهذا يكون مضاداً للسكون.

عن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى “وأحيينا به بلدة ميتا” (ق 11) برهان آخر على البعث غير ما تقدم استنتج من طي الكلام فإن البيان السابق في رد استبعادهم للبعث مستندين إلى صيرورتهم ترابا غير متمايز الأجزاء كان برهانا من مسلك إثبات علمه بكل شيء وقدرته على كل شيء وهذا البرهان الذي يتضمنه قوله: “وأحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج” من مسلك إثبات إمكان الشيء بوقوع مثله فليس الخروج من القبور بالإحياء بعد الموت إلا مثل خروج النبات الميت من الأرض بعد موتها ووقوف قواه عن النماء والنشوء. وقد قررنا هذا البرهان في ذيل الآيات المستدلة بإحياء الأرض بعد موتها على البعث غير مرة. قوله سبحانه “وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ۚ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ” ﴿العنكبوت 63﴾ المراد بإحياء الأرض بعد موتها إنبات النبات في الربيع. وقوله: “قل الحمد لله” أي أحمد الله على تمام الحجة عليهم باعترافهم بأن الله هو المدبر لأمر خلقه فلزمهم أن يعبدوه دون غيره من الأصنام و أرباب الأصنام. وقوله: “بل أكثرهم لا يعقلون” أي لا يتدبرون الآيات ولا يحكمون العقول حتى يعرفوا الله ويميزوا الحق من الباطل فهم لا يعقلون حق التعقل.

جاء في رحاب نهج البلاغة عن الطباق والمقابلة في خطب الإمام علي عليه السلام في نهج البلاغة (دراسة بلاغية دلالية) لأول للكاتب رضاته حسين صالح: أنواع المقابلة بحسب المعنى في خطب الإمام علي: تكون المقابلة من حيث عدد المتقابلات بين معنيين أو بين معان ثلاثة أو بين أربعة معان أو بين خمسة معان او بين سته معان وقد وردت في خطب الإمام عليه السلام على النحو الآتي: 1- المقابلة بين معنيين فمن ذلك قوله: (ألا وإني لم ار كالجنة نام طالبها ولا كالنار نام هاربها). الأمر الذي أشار إليه الحديث النبوي الشريف (ما رأيت مثل النار نام هاربها ولا مثل الجنة نام طالبها). هو تقابل بين مشهدين ومعنيين متناقضين لتكتمل الصورة لان التقابل (طريقة من طرق التصوير). يقول من أعجب العجائب من يؤمن بالجنة كيف يطلبها وينام ومن أعجب العجائب من يؤمن بالنار كيف لا يهرب منها وينام أي لا ينبغي ان ينـام طالب هذه ولا الهارب من هذه. وفي خطبة له يصف فيها المتقين قال: (وكان ليلهم من دنياهم نهارا تخشعا واستغفارا وكان نهارهم ليلا توحشا وانقطاعا). المقابلة واضحة حيث شبه ليلهم بالنهار لأنهم ايقاض لأداء العبادة و استغفار الرب ونهارهم كأنه ليل توحشا وانقطاعا ولا يريد بذلك الجفوة والنفرة من الناس بل أراد عدم الاستئناس بشؤون الدنيا والركون اليها. وقال في ذم إبليس وتحذير الناس من سلوك طريقته قال: (فان الله سبحانه لم يلعن القرن الماضي بين أبديكم إلا لتركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر). فانه لعن من مضى لأنهم تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صورتان متقابلتان متضادتان بجملتين اسميتين للدلالة على الثبوت. 2- النوع الثاني من المقابلة هي مقابلة ثلاثة معان من ذلك قوله (فمن عمل في أيام أمله قبل حضور اجله نفعه عمله ولم يضره اجله ومن قصر في أيام أمله قبل حضور اجله فقد سر عمله وضره اجله). فبجمل قصيرة متوازنة قابل بين ثلاثة أضداد هي (عمل – قصر) (نفعه عمله – خسر عمله) (ولم يضره – وضره) وهو طـباق سلب بين الفعل ومنفيه. وقوله في باب الوعظ والإرشاد (فليعمل العامل منكم في ايام مهله قبل إرهاق اجله وفي فراغه قبل أوان شغله وفي متنفسه قبل أن يؤخذ بكظمه). فالتقابل واضح بين ايام مهله / ارهاق اجله وان لم لكن بضد اللفظ ولكنهما بضد المعنى وفراغه وشغله ومتنفسه وكظمه (والأخذ بالكظم كناية عن التضييف عند مدراكة الأجل).

جاء في موقع فيصل نور عن من صور البديع في تفسير أبي السعود للدكتور سامي عطا حسن: ذكر أبو السعود في تفسيره بعض الصور البلاغية، والتي صنفها علماء البلاغة في علم البديع، مثل: الطباق: يُعَدُّ الطباق فناً من الفنون البلاغية الذي استأثر باهتمام علماء البلاغة، وقد ورد في القرآن الكريم جامعاً بين متضادين في اللفظ والمعنى، كما ورد في الكلام العربي شعراً ونثراً، فكان محط إبداع الشعراء والأدباء، بكل ما يفرزه الضدان من معانٍ جليلة. الطباق في اللغة:  جاء في لسان العرب: المطابقة في أصل الوضع اللغوي أن يضع البعير رجله موضع يده، وتطابق الشيئان تساويا، والمطابقة الموافقة، والتطابق الإتفاق، وطابقت بين الشيئين إذا جعلتهما على حذوٍ واحد، وفي التنزيل قوله تعالى: “أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا” (نوح 15) قال الزجاج: “معنى طباقاً، مطبقٌ بعضها على بعض”. “وبذلك تتضح دلالة الطباق في المفهوم اللغوي في أنها: الموافقة والمقاربة والمساواة ما بين شيئين في مقدارهما، من غير زيادة ولا نقصان. الطباق في الإصطلاح:  لقد تعددت التسميات البلاغية لهذا الفن، فقد أطلق عليه: “الطباق”، “المطابقة” والتضاد، فهو: الجمع بين المتضادين، أي: معنيين متقابلين في الجملة. أما معناه الاصطلاحي البلاغي فهو: الجمع بين الكلمة وضدها. قال أبو هلال العسكري: (وقد أجمع الناس أن المطابقة في الكلام: الجمع بين الشيء وضده في جزء من أجزاء الرسالة، أو الخطبة، أو البيت من بيوت الشعر، مثل الجمع بين البياض والسواد، والليل والنهار، والحر والبرد).

اترك تعليقاً