فيينا / الجمعة 10 . 01 . 2024
وكالة السيمر الاخبارية
د. فاضل حسن شريف
عن تفسير الميسر: قوله تعالى “فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى” (النجم 55) تتمارى فعل، تَتَمَارَى: تتشكك ، تكذب. فبأيِّ نعم ربك عليك أيها الإنسان المكذب تَشُك؟ قوله تعالى “وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ” (النجم 61) سامدون اسم، سامدون: لاهون غافلون. أو ساهون، أو مستكبرون شامخون. و قيل: خاضعون ذليلون. أنتم سامِدون: لاهون غَافـلون. أفمِن هذا القرآن تعجبون أيها المشركون من أن يكون صحيحًا، وتضحكون منه سخرية واستهزاءً، ولا تبكون خوفًا من وعيده، وأنتم لاهون معرضون عنه؟ فاسجدوا لله وأخلصوا العبادة له وحده، وسلِّموا له أموركم.
جاء في معاني القرآن الكريم: سمد السامد: اللاهي الرافع رأسه؛ من قولهم: سمد البعير في سيره. قال: “وأنتم سامدون” (النجم 61)، وقولهم: سمد رأسه وسبد (انظر: ديوان الأدب للفارابي 2/349 أي: استأصل شعره).
وعن تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قوله تعالى “فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى” (النجم 55) “فبأي آلاء ربك” أنعمه الدالة على وحدانيته وقدرته “تتمارى” تتشكك أيها الإنسان أو تكذب. فبأيِّ نعم ربك عليك أيها الإنسان المكذب تَشُك؟ قوله تعالى “وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ” (النجم 61) لاهون غافلون عما يطلب منكم.
وعن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تعالى “فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى” (النجم 55) أي بأي نعم ربك ترتاب وتشك أيها الإنسان فيما أولاك أو فيما كفاك عن قتادة وقيل لما عد الله سبحانه ما فعله مما يدل على وحدانيته قال فبأي نعم ربك التي تدل على وحدانيته تتشكك وإنما ذكره بالنعم بعد تعديد النقم لأن النقم التي عددت هي نعم علينا لما لنا فيها من اللطف في الانزجار عن القبيح إذ نالهم تلك النقم بكفرانهم النعم. وقوله تعالى “وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ” (النجم 61) أي غافلون لاهون معرضون عن ابن عباس ومجاهد وقيل هو الغناء كانوا إذا سمعوا القرآن عارضوه بالغناء ليشغلوا الناس عن استماعه عن عكرمة.
جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى “فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى” (النجم 55) الآلاء جمع إلى بمعنى النعمة، والتماري التشكك، والجملة متفرعة على ما تقدم ذكره مما ينسب إليه تعالى من الأفعال. والمعنى: إذا كان الله سبحانه هو الذي نظم هذا النظام البديع من صنع وتدبير بالإضحاك والإبكاء والإماتة والإحياء والخلق والإهلاك إلى آخر ما قيل فبأي نعم ربك تتشكك وفي أيها تريب؟. وعد مثل الإبكاء والإماتة وإهلاك الأمم الطاغية نعما لله سبحانه لما فيها من الدخل في تكون النظام الأتم الذي يجري في العالم وتنساق به الأمور في مرحلة استكمال الخلق ورجوع الكل إلى الله سبحانه. والخطاب في الآية للذي تولى وأعطى قليلا وأكدى أو للنبي صلى الله عليه وآله وسلم من باب إياك أعني واسمعي يا جارة، والاستفهام للإنكار. وقوله تعالى “وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ” (النجم 61) والسمود اللهو، والآية متفرعة على ما تقدم من البيان، والاستفهام للتوبيخ.
وعن التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله تعالى “فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى” (النجم 55) الخطاب لكل إنسان، والآلاء النعم، وتتمارى تشك وتجادل. و قوله تعالى “وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ” (النجم 61) أي لاهون.
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى “فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى” (النجم 55) فهل تشكّ وتتردّد بنعم الله، كنعمة الحياة أو أصل نعمة الخلق والإيجاد، أو نعمة أنّ الله هذه لا يأخذ أحداً بوزر أحد، وما جاء في الصحف الاُولى وأكّده القرآن؟ وهل من شاكٍّ بهذه النعمة، وهي أنّ الله أبعدكم عن البلاء الذي عمّ الاُمم السابقة بكفرهم وشملكم بعفوه ورحمته؟ أو هل هناك شكّ في نعمة نزول القرآن وموضوع الرسالة والهداية؟ صحيح أنّ المخاطب بالآية هو شخص النّبي صلى الله عليه وآله وسلم إلاّ أنّ مفهومها شامل لجميع المسلمين، بل الهدف الأصلي من هذه الآية إفهام الآخرين. (تتمارى) مشتقّ من تماري ومعناه المحاجة والمجادلة المقرونة بالشكّ والتردّد. (آلاء) جمع: ألأ، أو إلىء على وزن فعل و الألىء معناها النعمة. وبالرغم من أنّ بعض ما جاء في الآيات المتقدّمة ومن ضمنها إهلاك الاُمم السابقة وتعذيبهم ليس مصداقاً للنعمة. إلاّ أنّه من جهة كونه درساً للعبرة (للآخرين) ولأنّ الله لم يعذّب المسلمين وحتّى الكفّار المعاصرين لهم بذلك العذاب يمكن إعتبار ذلك نعمة عظيمة. وقوله تعالى “وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ” (النجم 61) أي في غفلة مستمرّة ولهو وتكالب على الدنيا. وكلمة سامدون مشتقّة من سمود على وزن جمود ـ ومعناه اللهو والإنشغال ورفع الرأس للأعلى تكبّراً وغروراً، وهي في أصل إستعمالها تطلق على البعير حين يرفل في سيره ويرفع رأسه غير مكترث بمن حوله. فهؤلاء المتكبّرون المغرورون كالحيوانات همّهم الأكل والنوم، وهم غارقون باللذائذ جاهلون عمّا يحدق بهم من الخَطر والعواقب الوخيمة والجزاء الشديد الذي سينالهم.
وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات