الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / شلل مروري في بغداد.. ما جدوى مشاريع فك الاختناقات؟

شلل مروري في بغداد.. ما جدوى مشاريع فك الاختناقات؟

 فيينا / السبت 01 . 02 . 2025

وكالة السيمر الاخبارية

تعيش العاصمة بغداد، أياماً طويلة متوالية من الزحامات الشديدة، لم تشفع لها مشاريع فك الاختناقات المرورية التي أنجزت الحكومة المرحلة الأولى منها أواخر العام الماضي، والتي شملت إنشاء أنفاقٍ ومُجسَّرات وتأهيل الطرق السريعة بالإضافة إلى فتح شوارع مُغلقة؛ إذ لا يزال المواطنون يقاسون في الوصول الى منازلهم أو أماكن عملهم، فيقضون ساعاتٍ طوالاً وسط شوارع العاصمة المكتظة بالسيارات.

محاور رئيسة مشلولة

وامتدت الاختناقات إلى مختلف شوارع وجسور بغداد، شاملةً الجسر الدوار، جسر الرستمية، سريع الدورة، محمد القاسم، مجسّر الأمانة، مجسّر العلوية، مجسّر الربيعي، جسر السنك، جسر الجمهورية، جسر باب المعظم، جسر الجادرية، جسر الطابقين، جسر القادسية، سريع القناة، شارع المغرب، شارع السعدون، منطقة العلاوي، وشارع مطار بغداد.

وتحوّلت هذه المحاور الحيوية إلى نقاط ازدحام خانقة، حيث يستغرق التنقل عبرها ساعات طويلة، مع تسجيل حالات تأخير غير مسبوقة.

تداعيات اقتصادية وصحية

المواطنون يواجهون أزمات يومية بسبب التأخير المستمر، إذ تستغرق الرحلات التي يُفترض أن تدوم 30 دقيقة نحو 3 ساعات، مما يرهق السكان ويعطل مصالحهم. كما يعاني المرضى في الحالات الطارئة من صعوبة الوصول إلى المستشفيات، فيما يتأخر الموظفون عن أعمالهم، ما ينعكس سلبًا على الإنتاجية.

فاضل الغراوي، رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، أكد أن الأزمة المرورية في بغداد لا تمثل مجرد مشكلة تنقل، بل تحديًا اقتصادياً خطيراً، حيث تؤدي إلى خسائر تقدر بـ 1-2 مليار دولار سنوياً بسبب تراجع الإنتاجية وتعطل سلاسل التوريد. كما أشار إلى أن كلفة النقل الفردية ارتفعت بنسبة 40 في المائة نتيجة هذه الاختناقات.

ويفرض تفاقم الأزمة تساؤلات حول الحلول الممكنة، إذ يطالب المواطنون بخطط عاجلة لتحسين البنية التحتية وتطوير أنظمة النقل العام، إضافةً إلى سياسات تحد من التضخم غير المدروس في أعداد المركبات داخل العاصمة وفي البلاد عموماً. وفي ظل غياب إجراءات فعلية لمعالجة هذه الأزمة، تبقى بغداد أسيرة الاختناقات التي تستنزف حياة سكانها واقتصادها يومًا بعد آخر.

ويعتبر موضوع استمرار استيراد السيارات وبلوغ أعدادها في بغداد وحدها 4 ملايين سيارة، فضلا عن السيارات الوافدة، معضلة حقيقية تواجه حركة السير في ظل غياب مشروع للنقل العام.

يقول سلوان الأغا، إنّ الحزمة الأولى من المجسرات التي أطلقتها الحكومة تهدف إلى فك اختناقات المرور في بغداد، لكنه أشار إلى أن هذه الحلول لا تكفي وحدها لحل مشكلة الزحام في العاصمة، موضحا أن المجسرات ستزيد من القدرة الاستيعابية للشوارع فقط، ولكنها لن تكون حلاً نهائيًا لمشاكل الاختناقات المرورية في ظل الكثافة السكانية العالية والأنشطة المتعددة التي تشهدها بغداد.

ويضيف الاغا لـ “طريق الشعب”، أن “الهدف من بناء المجسرات هو تحسين الحركة المرورية بشكل أساسي”، مردفا ان عدم تفعيل كامل منظومة الطرق الحولية، التي تعد جزءًا أساسياً في تقليل الازدحامات وحركة المرور الكثيفة، يقلل من نسبة الفائدة المرجوة من هذه المشاريع”.

ويواصل أن تفعيل وتشغيل تلك الطرق يسهمان في إبعاد حركة المرور الكثيفة عن المناطق الداخلية للعاصمة، مشيرا الى أن هناك حلولا أخرى مثل تعزيز وسائل النقل العام.

ويشير إلى أن فكرة مشروع المترو، التي تم طرحها أول مرة في الثمانينات، ربما بدأت أخيرًا تتحقق مع بدء تصميم الشركات المختصة لهذا المشروع. وبرغم أن هذا المشروع يحتاج إلى وقت طويل لتنفيذه على أرض الواقع، إلا أنه يعد خطوة مهمة نحو حل مشكلة النقل في العاصمة.

ويجد ان واحدا من الحلول الفاعلة هو نقل المراكز الإدارية والاقتصادية بعيدًا عن المناطق المركزية، وفتح مساحات أكبر، ما يسهم في تخفيف الضغط على الشوارع، مشددا على ضرورة تقسيم المؤسسات الكبيرة إلى عدة أقسام في مناطق جغرافية مختلفة، ما يسهل الوصول إليها من قبل المواطنين، ويخفف من الزحام في مركز المدينة.

وينبه إلى أن الأتمتة (التكنولوجيا) يجب أن تلعب دورًا مهمًا في تنظيم العمل وإدارة الموارد، حيث يمكن توزيع المهام على مراكز إدارية مختلفة، ما يسهم في تحسين الأداء وتقليل الزحام، منوّها بأن المجسرات بحد ذاتها ليست حلا نهائيا لمشكلة الازدحام المروري، بل هي جزء من الحلول التي تحتاج إلى دراسة استراتيجية أعمق تعرف بـ “دراسة النقل الشامل”. هذه الدراسة يجب أن تأخذ في الاعتبار توزيع الأنشطة الإدارية والاقتصادية، وأنشطتها التجارية والسكنية، وكذلك حركة المرور اليومية مثل المدارس والجامعات والأسواق.

ويقول إنّ هذه البيانات تساعد في وضع حلول استراتيجية لتحسين تدفق المرور، مثل توسيع بعض الشوارع أو تغيير اتجاهاتها أو إضافة مجسرات إضافية. كما يؤكد الآغا على أهمية استخدام النهر في حل مشكلة النقل، حيث يمكن اعتماد فكرة “التكسي النهري” بين ضفتي نهر دجلة، وهي فكرة قد تكون مفيدة في تخفيف الضغط على الطرق البرية، خصوصًا في المناطق البعيدة والنائية في بغداد.

تسهيل الحركة المرورية؟

وكشف المتحدث باسم وزارة الإعمار والإسكان، نبيل الصفار، عن أحدث التطورات في مشاريع فك الاختناقات المرورية في بغداد، مشيرا إلى أن الوزارة أنجزت العديد من المشاريع الكبرى، حيث تم افتتاح عدد من الجسور والمشاريع الهامة التي تسهم في تحسين حركة المرور وتسهيل التنقل داخل العاصمة.

وأوضح الصفار في حديث خص به “طريق الشعب”، أنّ المشاريع التي تم إنجازها بالكامل تشمل “مجسر فائق حسن بالفنون الجميلة، مجسر قرطبة، مجسر تقاطع الرستمية، مشروع ربط الداخل في شارع فلسطين، مشروع ربط منطقة الجميلة بباب المعظم، وكذلك مشروع تقاطع المشن وساحة عدن ومشروع دورة سيدية”، مؤكدًا أن هذه المشاريع ستساهم بشكل كبير في تسهيل الحركة المرورية وتخفيف الازدحامات في مناطق عدة من العاصمة.

وأضاف الصفار أنه “بالإضافة إلى هذه المشاريع، هناك 6 مشاريع أخرى تشكل أجزاء من مشاريع أكبر، مثل “مجسر براثا والنسور، نفق رقم واحد، مجسر الشالجية، مجسر تقاطع المصافي”، مؤكدًا أن هذه المشاريع ستكمل منظومة البنية التحتية المرورية بشكل شامل”.

وتحدث الصفار عن المشاريع الجاري تنفيذها حاليًا، مبينًا أن “العمل يجري في مشاريع الحزمة الأولى، ومن المتوقع أن تكتمل معظم هذه المشاريع بحلول منتصف العام الجاري”. وأوضح أن المشاريع التي يتبقى العمل عليها تشمل الجسور العابرة على نهر دجلة، مثل “جسر الصرافية الثاني، جسر الجادرية الثاني، وجسر غزة”، مشيرًا إلى أنه من المتوقع أن تكتمل هذه المشاريع في النصف الثاني من العام الجاري.

وأشار إلى أنّ أحد المشاريع المهمة التي ستشهد افتتاحًا قريبًا هو “مجسر الصرافية”، الذي يعد جزءًا من مشروع جسر الصرافية ٢.

كما ذكر الصفار أن هناك العديد من المشاريع الأخرى التي يتم العمل عليها، مثل “مجسر الطوبجي، مشروع الطلائع، وتطوير وتأهيل مقتربات أبو نؤاس”، مؤكدًا أن جميع هذه المشاريع تجري وفق الخطط المقررة.

وأكد، أن “تخصيص المبالغ المالية اللازمة لإكمال المشاريع يمثل خطوة هامة نحو تنفيذ المشاريع بشكل كامل”، وأضاف أنه بعد الانتهاء من هذه الحزمة، ستبدأ الوزارة العمل على الحزمة الثانية من المشاريع التي تهدف إلى تحسين البنية التحتية في بغداد.

خطة مرورية!

وقال المتحدث باسم أمانة بغداد، عدي الجنديل، أن الحزمة الأولى من مشاريع المجسرات قد بدأت بالفعل في إنجازها، حيث تم إنجاز المجسرات في أماكن كانت تشكل عقدًا مرورية، مثل تقاطع المسافر في قاطع بلدية الدورة. وتهدف هذه المشاريع إلى فك هذه العقد المرورية وتحسين حركة السير في العاصمة بغداد.

وأضاف الجنديل لـ “طريق الشعب”، أن “هناك خطة مرورية ودراسة مستمرة تهدف إلى حل الاختناقات المرورية في بغداد، مع العلم أن أمانة بغداد تعمل على تنفيذ حزمة من المجسرات الجديدة في عدة مناطق. تم البدء في تنفيذ ستة مجسرات جديدة تشمل مواقع مختلفة مثل مجسر 83 ومجسر ساحة 55 في جميلة، وكذلك مجسر أبو دشير وتقاطع درويش ومجسر في ساحة أنتر بالعظمية”.

وأوضح الجنديل، أن “من ضمن رؤية أمانة بغداد توسيع الشوارع الرئيسية داخل العاصمة، حيث يتم تنفيذ مشاريع لتوسعة الشوارع في المناطق السكنية الرئيسية في بغداد”، متابعا أن هناك خطة جديدة لعام 2025 تتضمن البدء بأعمال تأهيل وتطوير طريق محمد القاسم، وإضافة ممرين إلى كل مسار من هذا الطريق.

وأشار إلى أن هناك خطة لإنشاء طريق الحلقة الرابع الذي يحيط بالعاصمة، وهو ما سيساهم في تقليل دخول الآليات الكبيرة والشاحنات إلى داخل بغداد.

المصدر / طريق الشعب

وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات

اترك تعليقاً