فيينا / الخميس 20 . 02 . 2025
وكالة السيمر الاخبارية
تتجه أنظار العواصم الأوروبية إلى الانتخابات التشريعية المبكرة المرتقبة في ألمانيا الأحد، حيث يسعى المحافظون الألمان بزعامة فريدريش ميرتس لفرض سياستهم المتشددة بشأن الهجرة في مواجهة اليمين المتطرف الذي يحظى بدعم إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
يأمل المحافظون الألمان، بقيادة فريدريش ميرتس، في تحقيق غالبية مطلقة خلال الانتخابات التشريعية المقررة الأحد، مما يتيح لهم تطبيق سياستهم المتشددة تجاه الهجرة، في وقت يشهد تصاعدا لشعبية اليمين المتطرف المدعوم من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وتتجه أنظار العواصم الأوروبية إلى الانتخابات المبكرة في الدولة صاحبة الاقتصاد الرائد في القارة والذي تباطأ منذ انهيار ائتلاف المستشار أولاف شولتز في نهاية عام 2024، في خضم أزمة في نموذجها الصناعي والجيوسياسي.
وأدى الدعم الصريح الذي قدمه مساعدو ترامب لحزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف، إلى زيادة الاستقطاب في بلد اعتاد ساسته على الحلول الوسط.
لكن نتائج استطلاعات الرأي ظلت ثابتة، مع 30% من الأصوات للمحافظين من الحزب الديمقراطي المسيحي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي، و20% لحزب البديل من أجل ألمانيا وهي نسبة غير مسبوقة.
في مناظرة تلفزيونية أخيرة مع أولاف شولتز مساء الأربعاء، دعا فريدريش ميرتس الألمان إلى منحه تفويضا قويا “لحل المشكلتين الرئيسيتين في البلاد: الهجرة والاقتصاد”.
وحذر من أنه إذا لم يحصل ذلك “فإنهم سيتقدمون علينا وعلى جميع الأحزاب الديمقراطية الوسطية”، محملا الحكومة المنتهية ولايتها مسؤولية صعود حزب البديل من أجل ألمانيا.
وتعتبر سودها ديفيد-فيلب من مركز “صندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة” في تصريح لها، أنه بعد استبعاد التحالف مع هذا الحزب، “يبقى السؤال كيف سيشكل (ميرتس) ائتلافا مستقرا”، مشيرة إلى أن ميرتس يفضل القيام بذلك مع شريك واحد فقط.
في المقابل، يواجه الحزب الديمقراطي الاجتماعي بقيادة أولاف شولتز خطر تكبد هزيمة تاريخية، إذ لا يحظى سوى بـ15% من نوايا التصويت، رغم تمسك شولتز بالأمل في إقناع الناخبين المترددين. ومن المتوقع أن يحصل حزب الخضر على 14% من الأصوات.
الخوف من “الفوضى”
يقول تريستان، وهو طالب يبلغ 28 عاما من برلين، “أعتقد أن كثيرا من الناس متوترون للغاية (…) بشأن مفاوضات الائتلاف”، مضيفا في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية “إنهم يخشون أن تسود الفوضى قبل تشكيل الحكومة”.
في فرانكفورت، يشعر رالف تيشنر وهو صاحب مطعم يبلغ 57 عاما، بالقلق إزاء صعود اليمين المتطرف “لأن بلدا تبلغ فيه نسبة التصويت لصالح البديل من أجل ألمانيا 21% أو أكثر ليس بلدا نحب أن نعيش فيه”.
وهيمنت قضية الهجرة إلى حد كبير على حملة الانتخابات، خاصة بعد سلسلة من الهجمات الدامية التي شهدتها ألمانيا.
وشدد فريدريش ميرتس، الذي يتهم حكومة أولاف شولتز بالتساهل في التعامل مع هذا الملف، على ضرورة إغلاق الحدود ومنع دخول أي أجنبي يفتقر إلى الوثائق اللازمة، بما في ذلك طالبي اللجوء.
وفي خطوة غير مسبوقة على المستوى الاتحادي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، سعى ميرتس إلى تمرير نص غير ملزم حول هذا الموضوع في مجلس النواب، مدعوما من حزب البديل من أجل ألمانيا.
هذا التعاون، الذي اعتبره كثيرون مؤشرا على بدء تطبيع العلاقات مع الحزب اليميني المتطرف، أثار موجة احتجاجات واسعة في أنحاء البلاد.
وما زاد الطين بلة الخطاب الذي ألقاه نائب الرئيس الأمريكي جاي دي فانس الجمعة في ميونيخ وحث فيه الأحزاب التقليدية في ألمانيا على التخلي عن رفضها للتحالف مع اليمين المتطرف.
“إصلاحات واستثمارات”
ومن أبرز المحاور الأخرى للحملة: التباطؤ الاقتصادي الذي تجلى في الأشهر الأخيرة في العديد من الخطط الكبرى لخفض الوظائف، وخاصة في قطاع صناعة السيارات.
وتقول الخبيرة ديفيد-فيلب إن البلاد “بحاجة واضحة إلى إصلاحات واستثمارات وعمال مهرة”.
وتعهد ميرتس بإعادة بناء القوة الصناعية لألمانيا من خلال خفض الضرائب على الشركات وتقليص البيروقراطية.
لكن هولغر شميدينغ، الخبير الاقتصادي في بنك بيرينبرغ، شكك في قدرته على “تنفيذ برنامج إصلاحي كبير” بعد الانتخابات.
ويتوقف قسم كبير من الإصلاحات على نتائج الأحزاب الصغيرة: من المتوقع أن يحصد حزب “دي لينكه” اليساري الراديكالي العائد بقوة نحو 7% من الأصوات، أما حزب “سارة فاغنكيشت” اليساري والحزب الديموقراطي الحر الليبرالي فيقدر أن يحصلا على نحو 5% من الأصوات، وهي النسبة الدنيا المطلوب تأمينها لدخول البرلمان.
ويؤكد الخبير الاقتصادي أن هذه الأحزاب يمكن أن تعطل التعديلات الدستورية الهادفة إلى تخفيف القواعد الصارمة المتعلقة بالديون، وهو إصلاح يعتبر ضروريا لتوفير السيولة للاستثمار في الاقتصاد والقوات المسلحة.
ويذكر أن الأحزاب المتطرفة مثل حزب اليسار وتحالف سارة فاغنكيشت والبديل من أجل ألمانيا، التي تشترك في رفض المساعدات العسكرية لأوكرانيا، يمكن أن تحظى بأقلية معطلة في التصويت على قوانين رئيسية في هذا المجال.
فرانس24/ أ ف ب
وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات