فيينا / الأثنين 10 . 03 . 2025
وكالة السيمر الاخبارية
د. فاضل حسن شريف
قال الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة عند مواضع اخفاء لام التعريف قبل الحرف الشمسي “قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ (اخفاء لام التعريف قبل الحرف الشمسي) وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ” (البقرة 33)، “وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (اخفاء لام التعريف قبل الحرف الشمسي)” (البقرة 35)، “فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ (اخفاء لام التعريف قبل الحرف الشمسي) عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ” (البقرة 36)، “فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ (اخفاء لام التعريف قبل الحرف الشمسي) الرَّحِيمُ (اخفاء لام التعريف قبل الحرف الشمسي)” (البقرة 37).
اللام الشمسية: يجب إدغام اللام الساكنة إذا وقع بعدها الأربعة عشر حرفًا الباقية من حروف الهجاء، وتسمَّى اللام في هذه الحالة باللام الشَّمسيَّة. وهذه الحروف الأربعة عشر مجموعةٌ في أول كل كلمة من كلمات البيت التالي: طِبْ ثم صِلْ رحمًا تفُزْ ضِفْ ذا نِعَم دَعْ سُوءَ ظنٍّ زُرْ شريفًا للكرَمْ والحروف بالتفصيل هي: (ط – ث – ص – ر – ت – ض – ذ – ن – د – س – ظ – ز – ش – ك). فإذا وقع حرف من هذه الأحرف بعد اللام، وجب إدغامها فيه، ويسمَّى: إدغامًا شمسيًّا. وسمي كذلك، لعدم ظهور اللام عند النطق بلفظ (والشمس)، ثم غلبت هذه التسمية على كل اسم يماثلها في إدغامها فيه. سبب الإدغام: تدغم اللام الشمسية في اللام لتماثلهما، وتدغم في الحروف الباقية للتقارب بين مخرجها ومخرج اللام الشمسية. قال الله تبارك وتعالى في سورة البقرة عند مواضع اخفاء لام التعريف قبل الحرف الشمسي “وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ (اخفاء لام التعريف قبل الحرف الشمسي) هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ” (البقرة 39)، “وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ (اخفاء لام التعريف قبل الحرف الشمسي) وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (اخفاء لام التعريف قبل الحرف الشمسي)” (البقرة 43)، “أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ (اخفاء لام التعريف قبل الحرف الشمسي) بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ” (البقرة 44)، “وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ (اخفاء لام التعريف قبل الحرف الشمسي) وَالصَّلَاةِ (اخفاء لام التعريف قبل الحرف الشمسي) وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ” (البقرة 45).
لكي تفرق بين اللام الشمسية واللام القمرية، فاذا كان الحرف الذي بعد اللام مشدَّدًا، فهي لام شمسية، وإن كان غير مشدَّدٍ، فاللام قمرية. قال الله جل وعلا في سورة البقرة عند مواضع اخفاء لام التعريف قبل الحرف الشمسي “وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ (اخفاء لام التعريف قبل الحرف الشمسي) الرَّحِيمُ (اخفاء لام التعريف قبل الحرف الشمسي)” (البقرة 54)، “وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ (اخفاء لام التعريف قبل الحرف الشمسي) وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ” (البقرة 55)، “وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى (اخفاء لام التعريف قبل الحرف الشمسي) كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ” (البقرة 57)، “فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ (اخفاء لام التعريف قبل الحرف الشمسي) بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ” (البقرة 59).
تُعرَف اللام الشمسية في المصحف بخلوِّها من السكون، ووضع شدة على الحرف الذي بعدها، نحو: كلمة (الناس) في قوله تعالى: “وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا” (البقرة 8). فائدة: إذا أردتَ تقريب المسافة عليك جدًّا في معرفة اللام الشمسية واللام القمرية، فانظر إلى الحرف الذي بعدها، فإن وجدته مشدَّدًا، فقل: (شمسية)، وإن وجدته غير مشدَّدٍ، فقل: (قمرية). الأصل في لفظ الجلالة (الله): الأصل فيه: (إله)، ودخلت عليه (أل)، فصار: (الإله)، ثم حذفت الهمزة الثانية للتخفيف، فصار: (ألْ – لَه)، ثم أدغمت لام (أل) في اللام الثانية للتماثل، فصار: (الله)، ثم فُخِّمت اللام للتعظيم بعد الفتح والضم دون الكسر لمناسبته للترقيق، فصار: (الله). قال الله جل جلاله في سورة البقرة عند مواضع اخفاء لام التعريف قبل الحرف الشمسي “وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ (اخفاء لام التعريف قبل الحرف الشمسي) وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ (اخفاء لام التعريف قبل الحرف الشمسي) بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ” (البقرة 61)، “إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى (اخفاء لام التعريف قبل الحرف الشمسي) وَالصَّابِئِينَ (اخفاء لام التعريف قبل الحرف الشمسي) مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ” (البقرة 62)، “وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ (اخفاء لام التعريف قبل الحرف الشمسي) خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ” (البقرة 63)، “وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ (اخفاء لام التعريف قبل الحرف الشمسي) فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ” (البقرة 65).
جاء في شبكة الألوكة عن الإرفاق في لام الإلصاق للكاتب محمد السيد حسن محمد: اللام (حرف مجهور متوسط الشدة. شكله في السريانية يشبه اللجام)، يشي بالانطباع بالشيء بعد تكلفة. ولذا فإنك لتتلمس معناه من سياقه، وإنك لتقف على حقيقته من مقتضى وروده لصيقا ب”لِمِيقَاتِنَا”، وكأنه قد انطبع لديك شعور بأنك تعيش اللحظة، أو كأنك تروح أمامها وتغدو، إذ وكأني بك كنت لها مصاحبا. وهو صوت: مذلق، مستفل، ومنفتح، ومنحرف، يلحقه التفخيم والترقيق، والإظهار الشفوي، والإدغام بغير غنّة (الإدغام الكامل/ التام). وكلها معان تشي بخروجه سهلا يسيرا، ومنه فكان المجيء للميقات أمرا سهلا يسيرا، دلالة على استقبال أوامر الله تعالى على معناها من التيسير، وذلك أن أحكام الملة بنيت على السهولة ورفع الحرج. وحرف اللام ذو دلالة على النسبة والتملك، وذلك ناشئ من كونه متمتعا بخاصية الالتصاق، وذلك كما في قولنا: (هذا الكتاب لي، أو له، أو لها)، ومنه كان تفرد القرآن العظيم في مجيئه عليه السلام ملصقا بالميقات دلالة على أن الله تعالى “لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ” (التغابن 1). وأن كل شيء تحت تصرفه تعالى، ولأن كل شيء خاضع لسلطانه، من معنى أنه مالكه، ومن أصالة أنه خالقه، وكان الميقات بعضا منه. وقد دخل حرف اللام في مقطع (الـ) التعريف، وذلك تعبيرا عن ارتباط الأسماء التي تدخل عليها بمعرفة سابقة عنها. لتخرج تلك الأسماء بذلك من عالم النكرة إلى عالم المعرفة، وهو ملحظ لطيف دلك على فضاء واسع تفرد به، أداء لوظائف تعريفية أنبأك عنها كثرتها، وهي إذ لا تقبل حصرا. وإن قيل: وأين ذلك في مسألة الميقات؟ قلت: قد أدى أداءها الضمير (نا الفاعلين) البارز المتصل تعريفا، فأغنى عن الإعادة والتكرار. بل إنه أحسن مجيئا! ودلك عليه أن الضمير (نا الفاعلين) قد أدى وظيفتين رئيستين في آن واحد، ذلك لأنه أدى وظيفة التعريف فتساوى مع (اللام)، وأدى وظيفة التعظيم للخالق البارئ العظيم، فافترق عنه، وذلكم من إحكام النظم وضبطه، وقد عز على غيره تعالى إحكام كهذا أو قريبا منه، كما استحال على غيره سبحانه ضبط كهذا أو قريبا منه أيضا.
وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات