السيمر / فيينا / الثلاثاء 12 . 05 . 2020
عباس البخاتي
بعد التصويت على حكومة الكاظمي من قبل البرلمان ، إنتهت أحلام العودة بعبد المهدي مجدداً بعد إخفاق الكتل السياسية بإيجاد بديل عنه لرئاسة الحكومة.
هذا الإخفاق يثبت حقيقة مهمة لابد من الإشارة إليها، وهي إن لغة الأرقام وكثرة أعداد مقاعد الكتل النيابية تصبح صفراً على الشمال إذا كانت زعامات تلك الكتل لاتجيد فن التفاوض وإختيار المواقف.
يمكن تسمية الكتل الكبيرة للدورة البرلمانية الحالية بإنها “الأكثرية المعطلة” بعد فشلها بالإتفاق على تسمية حكومة تحل محل الحكومة المستقيلة والتي جائت بإتفاق الكتلتين الكبيرتين اللتان سرعان ما تنصلتا عن إسنادها بعد أحداث تشرين الاول من العام الماضي.
إن تحميل الحكومة المستقيلة كل الأسباب التي أدت لوصول أوضاع البلد لما هي عليه يعد مجانبة للحقيقة، كونها كانت ضحية لعدم الإنسجام بين من جاء بها من جهة، ومشاكسات إمتداداتها الجماهيرية من جهة أخرى والشواهد على ذلك كثيرة، حيث إعتادت بعض الكتل أن تكون شريكاً أساسياً في المكسب لكنها تتبرأ حين تلوح بوادر الإخفاق الخدمي والسياسي في الأفق.
بعد نيل حكومة السيد مصطفى ثقة البرلمان، أُسدل الستار على ما يمكن تسميتها ب “الأكثرية الورقية” حيث إن تكليفه جاء بعد إناطة المهمة بشخصين آخرين تم تكليفهما بعيداً عن رغبة الاكثرية المدعاة كون المتصدي الحالي بعيد عن مزاج جماهيره ولاهم له سوى تحقيق المصلحة الحزبية وإن أدى ذلك الى ضياع البلد ومصادرة حقوق أبنائه.
أمام هكذا واقع لا بدَ من الإعتماد على مفاوض آخر بغض النظر عن إسمه أو كتلته وعدد مقاعدها.. والذي يبدو أنه مبهم كون أغلب مفاوضات الكتل تجري بعيداً عن الإعلام خصوصاً مايتعلق منها بتشكيل الحكومة والبحث عن بديل للسيد عبد المهدي.
ما يؤكد ذلك هي الإنسيابية المميزة لمسار العملية التفاوضية التي رافقت السيد الكاظمي منذ تكليفه وصولاً الى لحظات نيل الثقة من قبل ممثلي الشعب، حيث تشير التجربة الى إستحالة وصول الكتلتين الكبيرتين الى إتفاق جديد، بعد معرفة العراقيين بالمزاج السياسي ومن خلال المعرفة الدقيقة بالآيدلوجيا الفكرية لكل منهما، مما يؤكد إنه مهما طال أمد المفاوضات سيصلان بنهاية المطاف إلى طريق مسدود.
هذا الأمر يؤكد ما أُشير اليه بدخول عامل جديد لساحة المفاوضات يتمتع بمزاج مختلف عما كان عليه الشركاء الكبيرين، لكن هنالك تساؤلات عدة تطرح عن هوية العامل الجديد هل هو خارجي وهذا الأمر مستبعد كون الطرفين لديهما مواقف مسبقة تجاه العامل الخارجي سواء كان إقليمياً أو دولياً، وعليه لابد من العمل على إعادة الثقة بالعملية السياسية بعد ان أثبت العامل الداخلي، براعته في إدارة العملية السياسية والتي تكللت بالتصويت على حكومة السيد مصطفى الكاظمي.