السيمر / الجمعة 07 . 04 . 2017
*عبد الجبار نوري
هل تعرفون الفنان الرسام الراحل ” رشيد عباس العلي ” ؟ بالتأكيد أن الدولة تتناساه والكثير منا يتجاهلهُ ، فهو كغيره في خبر كان نسياً منسيا من الدولة النفطية الريعية التي تكون قراراتها أنتقائية تخضع للمؤسسة الدينية الراديكالية الحاكمة لمن تشاء ، ووزارة الثقافة مهمتها اليوم أدوار أستعراضية رمضانية بأقامة المهرجانات الثقافية بمدرائها العامين وديكورسكرتيراتهم الجميلات — وهات يا بذخ وفساد مالي .
وسؤالي إلى الدولة ومؤسساتها الثقافية والجمهور هل أحدٍ منكم يعرف هذا الرسام الموهوب الذي فاز بجائزة الدولة العراقية في 1959 في حكومة الشهيد عبدالكريم قاسم لتصميمه الفني للشعار الجمهوري الذي أعتُمد شعاراً للنظام الجمهوري حتى أنقلاب البعث الفاشي الأسود في 1963 وهو الشعار الوطني المعبر الحقيقي عن الأطياف العراقية وحضارتها ؟ ، وكانت أجابتهم عديدة ومتنوعة بعيدة عن شخصية هذا الرمز العراقي ، فمنهم من قال أنه ربما يكون نائب في البرلمان العراقي !!! وهنا تسكب العبرات حين يكون النائب الذي جاء في زمن الغفلة أشهر من الجواهري وأعظم من علي الوردي وأفهم من المتنبي وأكثر عراقية من نصير شمه .
ربما أعزو سبب هذا النسيان والتجاهل هو طغيان المد الديني بشقيه الراديكالي الحاكم والمتشدد السلفي الأصولي الذي غطى بعباءته السوداء أفق مستقبل الأجيال القادمة ، فأصبحت الدولة العراقية وجمهورها غير معنيين بمعرفة هذا وذاك من أصحاب القلم الشريف والريشة الوطنية ، واليد النظيفة وحتى أن تنخر أجسادهم المنافي – هذا هو مظفر النواب شاعر الكلمة الحرّة فاقداً للذاكرة في تونس أو لبنان لا أدري ، والآخر البروفيسور شاكر خصباك في موت سريري في أمريكا – وأختاروا لأنفسهم مقبرة بعيدة عن الذين لا يريدونهم ، سموها ” مقبرة الغرباء ” .
وللأسف أشعر بالأحباط وخواطر مرّة حين أسمع بالدولة والجمهور يحتفيان برموزنا وقاماتنا العلمية والأدبية والثقافية بعد مماته وغيابه الأبدي ، لماذا بعد غيابه ؟ أتستكثرون عليه أن يملأ غرورهُ بالفخر والأحساس بأنهُ قد حصل على أستحقاقه ، فهو تجاهل بعينه ونكران جميل بشحمه ولحمه .
والذي دفعني للكتابة عن رسامنا المنسي الفنان الراحل ” رشيد عباس العلي ” هو تبني الأعلامي والوطني الغيور الأستاذ ” وجيه عباس ” لحقلٍ خاص بهؤلاء الرموز الوطنية المنسية ببرنامجه المشهور ( كلام وجيه ) ، لعله يسلط الضوء على مثل هذه الأهرامات العراقية الفذة .
وأخيرا / أرجو أن تمتلك الدولة ومؤسساتها الثقافية أستراتيجية واضحة أزاء المبدعين العراقيين ولتنظر إلى تجربة السويد عند أستبدال عملتها الورقية والمعدنية اليوم في 2017 وضعت في كل فئة ورقية أو معدنية صورة أديب أو شاعر أو عالم أو مؤرخ أو كاتب غائباً كان أو حياً يرزق —–
*كاتب وباحث عراقي مغترب