السيمر / الجمعة 13 . 10 . 2017
عبد الجبار نوري*
أنها لم تبحث عن السلطة ولكن السلطة تبحث عنها لأدارة أعظم دولة أوربية تأريخاً وحضارة وثقافة ولمدة 12 عاماً على التوالي لأربعة دورات تشريعية مكللة بالفوز بأهدافٍ نظيفة في شباك الديمقراطية اللبرالية ، غايتها قيادة دولة لا قيادة مركز حكم لأن لها أثر تنويم الحشود مغناطيسياً هي المستشارة الألمانية : أنجيلا ميركيل Angela Merkel ولادة 1954 همبورك والبالغة من العمر اليوم 63 عاماً يطلقون عليها لقب ” المستشارة الدائمة ” وهي ملكة التقشف زعيمة العالم الحر الجديد وأكبر المتعاطفين مع اللاجئين ، وهي عالمة أبحاث تحمل شهادة الدكتوراه في الكيمياء الفيزيائية ، أنظمتْ إلى حزب الأتحاد الديمقراطي المسيحي CDU بعد سقوط جدار برلين عام 1989 تولت منصبها عام 2005 وفازت بأربعة دورات متتالية لتكون أول أمرأة في هذا المنصب في ألمانيا وحصلت على لقب ” أقوى أمرأة في العالم ” عام 2011 من مجلة فوريس الأمريكية ودخلت نجومية النساء العظيمات أمثال : مدام كوري في علم الذرة وزها حديد المهندسة العراقية المعمارية الحداثوية ونوال السعداوي ناشطة وباحثة نسوية وشمران مروكل ناشطة نسوية عراقية وزعيمة منظمة رابطة المرأة العراقية .
من عومل نجاح تلك المرأة القوية الكاريزمية
-أنها تجيد فن التحالف بذكاء وحنكة ليس من باب تحالف الضعيف إلى القوي بل تحالف مع من يحب ألمانيا شعباً وجغرافية موحدة لبناء جسور الثقة والمصالح المتبادلة مع الأسرة الدولية لتكريس السلام العالمي وحقوق الأنسان ، فكانت سنة 2013 دخلت معترك الأنتخابات التشريعية الرئاسية والتحالف بين حزبها الأتحاد المسيحي والحزب الأشتراكي الديمقراطي ، وأن يوم 24 أيلول 2017 يوماً تأريخيا بتحالفها مع الحزب الأجتماعي المسيحي في بافاريا وحصولها على نسبة 33% من أصوات الناخبين ، وأعيد أنتخابها للمرة الرابعة على التوالي .
– تأكيدها على أعادة ألمانيا ( موحدة ) فمدتْ مقاربات من جسورها الفكرية في (ألمنة ) الشطرين الألمانيتين الشرقية والغربية مع الزعيمين الوحدويين ( هيلموت كول ) مرشدها الروحي أعاد توحيد ألمانيا بعد الحرب الثانية ، وكونرود أديناور الذي قاد ميلاد ألمانيا من جديد ، فلمع أسماء القادة الثلاث في سماء الوطنية الألمانية المنقاة من الشوفينية النازية والحفاظ على وحدة البلاد.
– ومن عوامل نجاح تلك المرأة الكاريزمية المحبوبة ليس من الداخل فقط بل من فضاءات العالم المتمدن محاولة منها في تلميع صورة ألمانيا التي شوهتها النازية مادة يد السلام والبناء والمحبة مع الشعوب وتطبيق سياسة براكماتية مع حكامها وهي تخوض أصعب فترة في تأريخ العالم وأمامها في مطلع 2017 عدة مطبات سياسية مفاجئة وقابلة للجدل وبعضها كأداء مستعصية مثل التخلي عن مفاعلات الطاقة النووية بعد كارثة فوكوشيما في اليابان 2011 ، وفتح الأبواب أمام أكثر من مليون لاجيء عام 2015 والذي كلفهتا خسارة أرقام غير قليلة في الأنتخابات الأخيرة لكنها أصرّتْ على هذا الطريق الأنساني حيث صوّرتْ نفسها بسيلفي وهي تحتضن أطفال اللآجئين ، ومشكلة فوز دونالد ترامب المفاجيء الذي صفق لهُ اليمين المتطرف في عموم العالم ، ومناورات بوتين ، وصعود الوسط في فرنسا بقيادة الشاب ” ماكرون ” هدفهُ وزعماء فرنسا أعادة بناء أوربا من جديد ، وصراعات ألمانيا مع العنصرية التتريكية لأردوغان ، والكارثة الكبرى صعود اليمين المتطرف في الكثير من بلدان العالم وخصوصا في أوربا ، بيد أن ميركل لم تعبأ لكل هذه المشاكل الألمانية والعالمية وهي تبدو لغزاً محيّراً فهي تمارس مهامها من دون كلل أو ملل ومن دون تهوّرْ وبأعصاب باردة مقابل نظرة تحليلية ثاقبة ، وحصلت ميركل على الكثير من الجوائز والأوسمة تقديراً عن دورها الريادي فكان نصيبها جائزة ( الناس ) التي تمنحها مجموعة ( باساو ) الألمانية في تكريم الشخصيات السياسية التي تساهم في بناء جسور التفاهم بين الشعوب لأحلال السلام العالمي ، كما أختارتها مجلة فوريس الأمريكية لسنواتٍ عدةٍ لتكون في مركز الصدارة في لائحة : أقوى أمرأة في العالم ” وفي 2013 فازت بوسام التمييز لأكثر الشخصيات تأثيراً في العالم خلال التصويت الذي الذي دشنهُ المجلس الدولي لحقوق الأنسان والتحكيم والدراسات السياسية والأشتراكية . ويقول عنها الأعلام الألماني : أنها أدخلت ألمانيا في سبات لا سياسي وأنها تنأى بنفسها عن الأحتكاك والتصادم وأسقاط الخصوم بالضرب تحت الحزام لذلك سميت بأمرأة ( العنبر ) لكونها صبورة ومهيبة .
– دعمت ميركل برنامج جوهري لعلاج الأقتصاد الألماني والنظام الأجتماعي وعملت على تغيير قانون العمل الألماني وبرمجتْ على أزالة حواجز تسريح الوظائف وزيادة العدد المسموح به من ساعات العمل ، وتوسيع مفهومية قدرة البلاد على المنافسة في أقتصاد السوق في العالم وجملة علاجات في مجال الطاقة النووية وتخلص ألمانيا منها وبسرعة ، ونادت ميركل بشراكة أطلسية قوية والتشدد في مسك مبدأ التحفظ في رغبة تركيا في الأنظمام للأتحاد الأوربي .
– ومن فقرات برنامجها الحكومي تقول : أن الأوربيين بما فيهم ألمانيا لن يمكنهم العيش في رخاء وأمن ألا أذا نظرنا جميعاً خارج حدودنا وأهتممنا بجوارنا لهدف التنمية الأقتصادية للجميع ، وأنتقدت الأتحاد الأوربي لعدم أمتلاكه مساراً عادلاً في توزيع اللاجئين في أوربا ، وتقديم العون والمساعدة لدول الساتر الأول في أستقبال المهاجرين أمثال أيطاليا واليونان وأسبانيا الذين يعانون أصلاً من عجز مزمن في الأقتصاد الوطني .
– تتجنب الديماغوجية الأنتخابية في أعطاء الوعود للرأي العام بأستعمال سوف وسنعمل —-!!!؟؟ ، وتطرح نفسها كضامنة للأستقرار في عالم الأزمات وشعارها التركيز ( لينتصر الأتحاد المسيحي الديمقراطي ) في ألمانيا وأكدت في برامجها الأنتخابية التطبيقية على نمو ألمانيا الأقتصادي ومعدلات التوظيف الغير مسبوقة في باقي الدول الأوربية ، ويظهر أنها أستفادت من الفلسفة الأشتراكية العلمية للشيوعية من بموطنها الأم ألمانيا الشرقية سابقاً في التخلص من العجز في الميزانية والتكامل الأقتصادي بين المقاطعات الألمانية .
* كاتب عراقي مقيم في السويد
كُتب في 12 أكتوبر2017