السيمر / الخميس 22 . 02 . 2018
كاظم الموسوي
انذارات متتابعة وتحذيرات متتالية تواجه الشعب العراقي من تدهور الأوضاع المائية والصحية، خلال الفترة الراهنة وما يتوقع في الأيام القادمة. كلمات وإشارات واجراس تدق وتنبه ولابد من السماع والعمل على المعالجة السريعة لها، قبل أن تحصل العواقب الكارثية، او المآلات الخطيرة التي تصفها بحوث ودراسات مختصين وأساتذة أكاديميين مهمتين لإنقاذ البلاد والعباد. أحاديث عن شحة المياه في الفراتين، عطش الرافدين، تلوث البيئة وانتشار الاوبئة، تصحر الاراضي، ودمار الزرع، انعدام التخطيط والتدبير، سوء الإدارة والتقدير، وغياب المسؤولية وبروز الأسئلة والبحث عن الأجوبة وخلاص الوطن وسعادة الشعب.. وهي كلها مدار البحث والاهتمام، اليوم وغدا.
يوم كامل من الكلمات والبحوث، والاراء والنقاشات، داخل قاعة مسرح صغير في احدى مباني جامعة لندن، (UCL ) بإدارة الجمعية العراقية للبيئة والصحة في بريطانيا، التي ترأسها الدكتورة جيهان بابان وبتعاون وتكامل مع جمعيات وجامعات. في برنامج المؤتمر اسماء وعناوين مهمة، وفي المواضيع المطروحة حرص واهتمام، واسئلة محيرة وبعضها حائرة، كما هي الاحوال او الاخطار التي لم تأخذ أبعادها بجدية ومسؤولية شاملة.
كل هذا كان في يوم عطلة اسبوعية، يوم الاحد 2018/2/18 ، وفي هذا اليوم، كما أوردت الاخبار، جرى استجواب لوزير المياه والري في البرلمان العراقي حول الاخبار المفزعة من التدهور المتسرب في اوضاع العراق المائية والصحية. وكأن المؤتمر المنعقد في لندن متفق مع الأسئلة والحيرة في مجلس النواب في بغداد. من المسؤول؟، ما حدود المسؤولية؟، ومن يقرر ومن ينفذ؟!. وهناك في كل المواضيع اسباب سياسية الى جانب الفنية المختصة والتي تحتاج دائما الى مؤتمرات بحثية وقرارات وتوصيات للتنفيذ والتطبيق والبناء والاعمار. كما تتطلب مراكز أبحاث وتفرغ علمي واختصاص وأرصدة وحسابات ومستقبليات.
في الجوانب السياسية عمل واسع، مسؤولية إدارة ووظيفة مرتبطة بما بعد وما قبل تدهور الأوضاع. كيف تعالج ومتى تتفاوض واين تقف او توافق او تشترط او تعود إلى الاتفاقيات والقانون والتشريع وما تصادق عليه أو يمكن اعتباره معيارا للحل او طريقا للانجاز والمشترك والتداعيات والآثار التي تلحق او الأضرار التي تصيب او المشاكل التي تتفرع. فالقضية أشمل واوسع، وثمة اتفاقيات دولية وقوانين متفق عليها، وثمة اجراءات وارتباطات، وبالتالي: ماهي الخيارات الصحيحة والارادات الوطنية والقرارات السليمة؟.
في الجوانب الفنية, وهي مواضيع المؤتمر الاساسية، او الأهداف المرجوة منه، فقد أسهب الباحثون والمختصون في الشرح والتقرير، والوصف والتاثير، والنتائج والمعالجات، والتوصيات والاستنتاجات.
برنامج المؤتمر حافل في جلسات ثلاث، أسهم فيها نخبة من الأساتذة الأكاديميين والباحثين المختصين، وبإدارة متوازنة، الجلسة الأولى كلف بها البروفيسوران باسل الساعاتي وصلاح الدهش، وقدم فيها البروفيسور عادل شريف الحسيني محاضرته عن أزمة المياه في العراق ومقترحات الحلول، والباحث وين زوينغبوري، عن مشكلة التلوث في العراق، والدكتورة جيهان بابان عن معضلة التصحر في العراق لتختمها الدكتورة ميس رحيم عن خفايا الصحة العقلية وواقعها في العراق. والجلسة الثانية ادارها الدكتور سعد خلف والدكتورة سناء العمار وقدم فيها البروفيسور سلمان الرواف تصوراته عن البيئة والصحة في العراق، والدكتور مارك سلاتر عن تأثيرات التلوث البيئي، والبروفيسور سعد طاهر عن ماضي وحاضر مرض السرطان في البلاد، وختمها الدكتور اثير الكليدار عن مشاكل التلوث على صحة الفم وتطورها. وكانت جلسة الختام بإدارة رئيسة الجمعية وعروض موضوعات وبوسترات ل15 طالب دراسات عليا وباحثا مبتعثا وخبيرا مختصا.. اما مسك الختام للمؤتمر فكانت في بيان الخلاصات والتوصيات والمقترحات، والوعد بطبع ما تقدم في كتاب ليكون مصدرا ومرجعا موثقا ومحكما لمن يهمه الامر او يحرص فعلا على حاضر ومستقبل الشعب والوطن.
مؤتمر علمي مختص أمر ليس هينا او سهلا، يمكن الكلام عنه بكلمات كثيرة، لكن المهم في كل الاحوال ما يمكن أن ينفع به ويترك أثره او يستفاد منه في المعالجة والحل الوطني المطلوب والمنشود. لا بأس أن يعقد المؤتمر في لندن، ويكون صداه هناك، في بلاد الرافدين، حيث تتفاقم الأزمات وتتصاعد اخبار التدهور وتتسع مجالات الاضرار والاشكاليات، وتتعاظم التهديدات والتأثيرات… والخشية أن تكون انذارات اجراسه كالاصوات في البرية…