الرئيسية / مقالات / مكافحة ألإرهاب وعدم التجاوز على حقوق الافراد

مكافحة ألإرهاب وعدم التجاوز على حقوق الافراد

السيمر / الخميس 26 . 04 . 2018

د . ماجد احمد الزاملي

المجتمع كما يهمه عقاب المتهم والقصاص منه حال ثبوت الجرم في حقه، يهمه أيضاً ألا يطول العقاب بريئاً. لذا فقد توجب حال تنظيم الإجراءات الجنائية – في دولة القانون مراعاة مصالح المجتمع في صونه من الإجرام والحد من تفاقمه ،وبين حقوق وحريات الأفراد. وحال بلوغ هذا التوازن يمكن القول بأن التنازع بين حق الدولة في العقاب وحق المتهم في الحرية الفردية أصبح تنازعاً ظاهرياً يعبر عن وجهين لعملة واحدة.
بعد الحرب العالمية الثانية أصبح الحديث عن قضية حقوق ألإنسان أمرا مألوفا سواء على الصعيد العالمي أو الاقليمي او على المستوى الداخلي ,خاصة وان حماية حقوق الانسان باتت محورا هاما في الحياة الدولية المعاصرة ,وغاية من غايات النظام الدولي .والواقع ان معرفة مدى احترام الدولة لحقوق الانسان اصبح متوقعا على مدى اعلان تلك الدولة عن هذا الاحترام أولا من خلال النص على مختلف الحقوق الإنسانية في قوانينها الداخلية وفي مقدمتها الدستور, ومن ثم من خلال العمل على الاحترام الفعلي لتلك الحقوق ووضع ضمانات كافية لذلك,هذا على المستوى الداخلي أما على نطاق أوسع فان احترام الدولة لحقوق الانسان يتجلى من خلال العمل على مسايرة الجهود الدولية لتعزيز وحماية حقوق الانسان ,سواء من خلال المشاركة في إعداد الاتفاقيات الدولية وتنظيم المؤتمرات الدولية وإنشاء المؤسسات المعنية بحقوق الانسان, أو من خلال إقرار الجهود المبذولة من المجتمع الدولي في هذا المجال بالانضمام الى المعاهدات الدولية لحقوق الانسان والالتزام الفعلي بها ومساعدة المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية العاملة في مجال حقوق الانسان والتعاون معها. ان حقوق الانسان أصلية وعامة يتعين الاعتراف بها لكل انسان على وجه الاطلاق وفي جميع الاحوال ,لكن تقييدها لايجوز إلا على سبيل الاستثناء ولا ينبغي التوسع به,وانما سيتم تقديره في إطار حالة الضرورة التي تسوغه,شريطة ألا يؤدي هذا الاستثناء إلى إهدار طائفة بذاتها من الحقوق. والثابت ان فكرة التقييد لبعض الحقوق والحريات يجد سندا له في التشريعات الوطنية والدولية,وذلك لكي تتاح الفرصة أمام السلطة العامة في المجتمع للتصدي بفاعلية للظروف الطارئة التي قد تستجد والتي تستلزم تدخلا من نوع خاص يتطلب شكلا خاصا من المشروعية التي تتلائم وتلك الظروف,كذلك الرغبة في تقويم سلوك الافراد الذين يخرجوا عن مقتضى القانون وتنظيم الحقوق داخل المجتمع درءا للتعارض بين حقوق الافراد وعليه فإن أصالة حقوق ألإنسان لاتعني إنها حرة من كل قيد,وطليقة من كل ضابط ,لان في ذلك إفساد ,ومن اجل تنافيه يتم تنظيم هذه الحقوق بوضع الضوابط والحقوق والقيود بين حقوق الافراد من جهة وبين حقوق الجماعة من جهة اخرى,وذلك كله من أجل ضمان تمتع الكل بحقوقهم دون التعارض أو التنازع, وإن حدث احدث تعارض فلا بد ان يجد حلا في نصوص القانون وحكم القضاء. ان حقوق الانسان في تطور مستمر وهي ذات طبيعة متجددة وتتجدد بتطور حياة الفرد والدولة,فقد تطورت هذه الحقوق من قدرات لها طابع داخلي الى حقوق أكثر اتساعا حيث أصبحت تصطبغ بصبغة عالمية,كما تطورت حقوق الانسان من حيث أنواعها فبعد أن كانت مقصورة على عدد محدود أصبحت هناك حقوق جديدة جاءت نتيجة التطور الذي شهده العالم.
تتطلب مواجهة الإرهاب التعامل مع التحديات التي تمليها دولة القانون، ومتطلبات الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان. وهى تحديات تنبعث من مبادئها مضافا إليها قيم العدالة. ولهذا احتلت جريمة الإرهاب جانبا مهما من مسئوليات النظام القانوني. وقد ارتكزت هذه المسئولية في القدرة على التوازن بين متطلبات المبادئ الأساسية للقانون والديمقراطية وحقوق الإنسان وإعلاء قيم العدالة، ومتطلبات مكافحة الإرهاب فى منع الجريمة أو العقاب عليها. ولم تعد التحديات القانونية لمواجهة الإرهاب قطاعا منفصلا عن غيرها من التحديات ، بالنظر إلى أن عالمية حقوق الإنسان وقيم الديمقراطية أصبحت جزءاً لا يتجزأ من قيم المجتمع الدولى بحكم الشرعية الدستورية فى دساتير مختلف الدول، مما جعلها إطاراً لا يمكن تجاوزه لمواجهة الإرهاب بكافة وسائله أيا كان التكييف القانونى للإرهاب. وهو ما يجعل التحديات القانونية فى مواجهة الإرهاب ركنا أساسيا فى المواجهة الشاملة للإرهاب على اختلاف أنواعها وأبعادها.
ولا تقتصر التحديات القانونية للإرهاب على القانون الداخلى فى المجتمعات الوطنية ، بل تمتد إلى القانون الدولى في المجتمع الدولي، بما فى ذلك القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي الجنائي. ولهذا عنيت الأمم المتحدة بوضع إستراتيجية لمواجهة الإرهاب بمقتضى القرار الذي اتخذته جمعيتها العمومية في 8 سبتمبر سنة 2006 وملحق هذا القرار الذي يتضمن خطة العمل. ويعتبر هذا القرار علامة فارقة سجلت لأول مرة موافقة جميع الدول على وضع إستراتيجية لمكافحة الإرهاب. وتمثل هذه الإستراتيجية الإطار العالمي الأول لمواجهة الإرهاب. وقد دعت هذه الإستراتيجية الدول الأعضاء للعمل مع نظام الأمم المتحدة لتطبيق خطة العمل التي تتضمنها الإستراتيجية. وقد أدمجت هذه الإستراتيجية معايير حكم القانون عند تنفيذ وثائق الأمم المتحدة المتعلقة بالإرهاب. وقد أنشئت في نطاق الأمم المتحدة لجنة لمواجهة ألإرهاب طلبت من مكتب الأمم وتجارة المخدرات والجريمة في فيينـا وضع إرشادات للدول عند تشريع وتطبيق وسائل محاربة الإرهاب. وتنفيذا لذلك وضع المكتب سنة 2006 قائمة بالإرشادات تضمنت ثلاثة أقسام: الأول في الأعمال المجرمة، والثاني في الوسائل التي تضمن التجريم الفعال، والثالث في القانون الإجرائي، والرابع في وسائل التعاون الدولي في المسائل الجنائية. ووضع المكتب في نهاية الإرشادات مشروع قانون ضد الإرهاب. وطلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 2006 من مكتب المخدرات والجريمة في فيينا بالاستمرار في جهوده لمد الدول الأعضاء بالمساعدة الفنية – بناء على طلبها – لدعم التعاون الدولي في مجال منع ومحاربة الإرهاب مـن خلال تسهيل التصديق على الاتفاقيات والبروتوكولات العالميـة المتعلقـة بالإرهاب وتطبيقها – وذلك لتقوية نظم عادلة وفعالة للعدالة الجنائية، وتدعيم حكم القانون، باعتبار ذلك عنصراً لا يتجزأ من أية إستراتيجية لمواجهة الإرهاب. وقد قام المكتب بإعداد ورقة عمل بشأن هذه المساعدة تتكون من قسمين: الأول في مسئولية الدولة في الحماية ضد الإرهاب، والثاني في نطاق وعناصر إستراتيجية العدالة الجنائية والتي تكافح الإرهاب. وفي مايو سنة 2007 نظم مكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة في فيينا ندوة حول تطبيق إستراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب. تنازعت التكييف القانونى للإرهاب ثلاثة أوصاف قانونية؛ الأول يعبر عن وجهة نظر المشرع الوطنى ويعتبر الإرهاب جريمة جنائية قائمة بذاتها والثانى يعبر عن وجهة نظر المجتمع الدولى ويعتبر الإرهاب جريمة دولية . والثالث يعبر عن قرار سياسى داخل المجتمع الدولى ، ويعتبر الإرهاب نزاعا مسلحا يواجه بالحرب. وتتميز هذه الجريمة بذاتية خاصة من الناحية القانونية نظرا إلى جسامتها وهو ما ينعكس بوجه خاص فى تجريم مجرد تأسيس الجماعات الإجرامية ومختلف الأعمال التى تساعد على وقوع الإرهاب ومن بينها التمويل . وفى هذا الصدد يثور البحث عما إذا كان الإرهاب فى حد ذاته يعتبر جريمة جنائية أم مجرد ظرف مشدد بالنظر إلى وسائله أو أهدافه أو ضحاياه . ولاشك أن العامل الإرهابى فى تكوين الجريمة يتجاوز مجرد كونه ظرفا مشددا فى جريمة عادية ويندمج فيها اندماجا بحيث يصبح مكونا طبيعيا فيها كاشفا لخطورتها وخطورة مرتكبيها. وأمام خطورة هذه الجريمة يخضع الإرهاب لنظام إجرائى متميز يراعى فيه مدى جسامتها ومختلف أبعادها ومنها البعد الدولى إذا ما تجاوزت أفعاله حدود دولة معنية . فمعيار الإقليمية ليس حاسما فى تحديد الاختصاص القضائى ، بل ينظر عند تجاوز أعمال الإرهاب لإقليم الدولة إلى جنسية كل من الجناة والضحايا والى عبور وسائله للأوطان، والى تنظيماته التى قد تصل إلى حد تكوين الخلايا المنظمة فى بعض الدول. أما الإرهاب كجريمة حرب فانه يقع أثناء النزاع المسلح متى استخدمت وسائل إرهابية في القتال عن طريق نشر الرعب بين السكان المدنيين، وفى هذه الحالة يعتبر الإرهاب جريمة حرب لمخالفة القانون الدولى الإنسانى. فإذا بلغت الأعمال الإرهابية حدا كبيرا من الجسامة تعتبر أيضا جريمة ضد الإنسانية(كما إذا كانت الأعمال الإرهابية قد وقعت بطريقة منظمة على المدنيين) .
لقد نصت المادة الثانية من الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب (1998) على أنه لا تعد جريمة، حالات الكفاح، بمختلف الوسائل، بما في ذلك الكفاح المسلح ضد الاحتلال الأجنبي والعدوان من أجل التحرر وتقرير المصير، وفقا لمبادئ القانون الدولي. وسارت على نفس المنوال اتفاقية منظمة المؤتمر الإسلامي حول الإرهاب الدولي (1999). واتفاقية مكافحة الإرهاب لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية (2006) ويرجع النص على إباحة الكفاح المسلح ضد الاحتلال الأجنبى والعدوان من أجل التحرر وتقرير المصير إلى حق حركات التحرير الوطنى فى استخدام القوة لتقرير المصير . فبعد الحرب العالمية الثانية استخدمت الدول التى كانت ترزح تحت نير الاستعمار القوة من أجل الحصول على استقلالها . مثال ذلك تونس والجزائر والمغرب فى مواجهة فرنسا ، ومالايا وكينيا ، وقبرص ومصر فى مواجهة بريطانيا ، واندونيسيا فى مواجهة هولندا ، والهند لطرد البرتغال من مستعمراتها فى جاوا وغينيا بيساو وانجولا وموزمبيق فى مواجهة البرتغال ، وناميبيا فى مواجهة جنوب أفريقيا . وقد صدر من الجمعية العامة للأمم المتحدة أول قرار أكد حق استعمال القوة فى مواجهة حق تقرير المصير (القرار رقم 1514 لسنة 1960)، والقرار رقم 2015 لسنة 1964 الذى اعترف بشرعية الكفاح بواسطة الشعوب الرازحة تحت حكم الاستعمار فى ممارسة حقها فى تقرير المصير والاستقلال والذى دعا كل الدول لتقديم المساعدة المادية والأدبية لحركات التحرير الوطنى فى الأراضى المستعمرة . كما أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارات حول المستعمرات البرتغالية والوضع فى ناميبيا أكدت فيه شرعية كفاح الشعوب فى هذه الأقاليم بجميع الوسائل المتاحة لها. ومنذ سنة 1973 أكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة فى قرارها السنوى دعمها للكفاح المسلح للحصول على استقلال البلدان المستعمرة . وأصدرت الأمم المتحدة سنة 1987 قرارها رقم 103 الذى ينص على حق الدول فى دعم حق تقرير المصير ينطوى على من هذه الشعوب فى استخدام كل من الكفاح السياسى والمسلح. وبينما دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة الدول لدعم الشعب الفلسطينى فى كفاحه لاستعادة حقه فى تقرير المصير (القرار رقم 41 لسنة 1986) ، قررت فى عام 1987 حق الشعب الفلسطينى فى تقرير المصير دون أن تشر إلى حقه فى استخدام القوة . وأكدت الجمعية العامة سنة 1991 حق الشعوب فى تقرير المصير بجميع الوسائل.
ومع ذلك أطلق على الإرهاب وصف الحرب بوجه خاص عقب الأحداث المأساوية الجسيمة التى ارتكبت فى الولايات المتحدة الأمريكية فى 11 سبتمبر سنة 2001 والتي أوضحت بجلاء مدى خطورة هذا الشكل من الإرهاب على المجتمع الدولى. وقد أدى تهديد الأمن الدولى بهذا الحادث الإرهابى إلى أن اعتبره رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بمثابة حرب على الشعب الأمريكى ، فأعلن أمام الكونجرس الأمريكى فى 20/9/2001 حالة الحرب ضد الإرهاب ، ولم يقتصر الرئيس الأمريكى على ذلك بل طبق المادة الخامسة من معاهدة واشنطن معتبرا أن حوادث الحادى عشر من سبتمبر اعتداء ضد جميع أطراف هذه المعاهدة ، أى ضد جميع الدول الأعضاء فى منظمة حلف شمال الأطلنطى وليس فقط ضد الولايات المتحدة ، وقد حدد الرئيس الأمريكى موقعة الحرب ضد الإرهاب فى أفغانستان ، ثم مد ساحة الحرب إلى العراق فى مارس سنة 2003 . ويرجع ذلك إلى أن الإدارة الأمريكية اعتنقت فكرة موسعة عن النزاع المسلح ، وتجلى ذلك فى التعليمات التى وجهتها إلى اللجان العسكرية.
وقد لوحظ أن أحداث 11 سبتمبر قد اتخذت شكلا جديدا من الإرهاب شبه بحالة الحرب مما أدى إلى وضوح تهديده للأمن الدولى ، الأمر الذى دعا إلى اتخاذ شكل جديد لمواجهته . وقد أعادت الممارسات المسلحة ضد الإرهاب بعد تشبيهه بالحرب إلى الذاكرة ما كان عليه قانون الحرب قبل اتفاقيات جنيف . وقد أوضح فى كتابه عن دروس الرعب ، الصادر فى نيويورك سنة 2002 أن الحرب الحديثة أخذت بالتراث الرومانى الذى كان ينادى بأنه عند إشعال الحرب لا يوجد ما يبرر معاملة غير المتحاربين معاملة أقل جسامة من معاملة المتحاربين. فوفقا لهذا التقليد الروماني عرفت روما الحرب المدمرة والحرب الانتقامية، وهو ما عارضه رجال الفكر العظام مثل أوجستن وتوماس الأكويني اللذين نادا بالحرب العادلة. إلا أن جانبا من الفقه الانجلو أمريكي ذهب إلى أن علاقة العداء بين المحاربين تمتد أيضا إلى مواطنيهم المدنيين، مع التسليم بالعمل على حمايتهم طالما أنهم لم يساهموا في العمليات العسكرية.
وجاءت اتفاقيات جنيف فوضعت قانونا جديدا للحرب يميز بين المتحاربين والمدنيين مستهدفة تأكيد التفرقة بين المقاتلين وغيرهم من المدنيين المسالمين، بحيث أصبحت هذه التفرقة هى إحدى سمات القانون الدولي الإنساني. كما استظهر المجتمع الدولي بعد الحرب العالمية الثانية القانون الدولي الإنساني الذي يطبق على النزاع المسلح، وكان ذلك كرد فعل ضد الممارسات غير الإنسانية في الحرب العالمية الأولى سنة 1914 والتي تركت آثارا مدمرة على المدنيين والتي أعقبتها الحرب العالمية الثانية فضاعفت بدورها من هذه الآثار المدمرة التي وصلت قمتها بإلقاء القنبلة النووية على هيروشيما . ومـع ذلـك لوحظ أن الحرب الأمريكية ضد الإرهاب اتخـذت ذات المنهـج الـذي اتبـع في الحربين العالميتين الأولى والثانية فيما أسفـر عنـه مـن حجـم كبيـر للضحايا من المدنيين. وهكذا فإن الأحداث الإرهابيـة التى وقعت في 11 سبتمبر سنة 2001 والتى أصابت المدنيين خلقت بذاتها حالة حرب لدى الولايات المتحدة . كانت مبررا لاعتبار الإرهاب بمثابة إعلان للحرب يبرر مواجهته بحرب شاملة لا تميز بين المتحاربين والمدنيين. وقد علق البعض على ذلك بأنه بينما أعلنت الولايات المتحدة الحرب ضد الإرهاب وطالبت بتطبيق قانون الحرب المسمى بالقانون الدولي الإنسانى على الحرب ضد الإرهاب، فإنها لم تلتزم بمعظم التزاماتها بمقتضى هذا القانون (اتفاقيات جنيف) وبينما طالبت بحقوقها وفقا لهذه الاتفاقيات أنكرت ذلك على أعدائها.
على الرغم من تأكيد مجلس الأمن أن الإرهاب الدولى يمثل تهديدا للسلم والأمن الدوليين إلا أن قراره بإجازة استخدام حق الدفاع الشرعى تقف أمامه المادة 51 من الميثاق التى تنص على أن الاعتداء الصادر من الدول هو الذي يبيح استعمال حق الدفاع الشرعي وهو ما تأيد بحكمين لمحكمة العدل الدولية في 9 تموز سنة 2004 و19 ديسمبر سنة 2005، فقرار مجلس الأمن يعنى توسعة الأعمال التى تمثل تهديدا للسلم والأمن الدوليين وعدم قصرها على ما يصدر من الدول وحدها . وخاصة أن مجلس الأمن فى قراره المذكور التجأ إلى أسلوب التعميم فاستخدم تعبير (كل عمل من الإرهاب الدولى) بدلا من الاقتصار على الحالة الناشئة عن أحداث 11 سبتمبر بالولايات المتحدة وهي حالة الإرهاب الذي يشعل الحرب. وقد لوحظ كذلك أن المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة تجيز استخدام الدفاع الشرعى حتى يتخذ مجلس الأمن التدابير الضرورية ، إلا أن مجلس الأمن تدخل فقط للسماح للولايات المتحدة باستخدام حق الدفاع الشرعى فى مجال احترام الميثاق ، دون أن يرخص لها بمباشرة عمليات عسكرية معينة مما تعتبر من التدابير الضرورية . ومن الناحية العملية فضلت الولايات المتحدة بأن تعمل فى مواجهة ما أسمته بمحور الشر ضد نظام طالبان فى أفغانستان باسم الحرب الشاملة ضد الإرهاب اكتفاء بإرسال خطاب مع المملكة المتحدة إلى رئيس مجلس الأمن بإخطاره بمباشرة العمليات العسكرية تحت مسمى الدفاع الشرعى طبقا للمادة 51 من الميثاق. هذا بالإضافة إلى ملاحظات قانونية أخرى تتعلق بمدى توافر شرطي الضرورة والتناسب، ومدى جواز استخدام الدفاع الشرعي ضد اعتداءات غير حالة ولم تقع بعد . كما اتجه الرأى الغالب إلى أن استخدام الجماعات الإرهابية للقوة لا يعتبر اعتداء مسلحا يبيح للدولة حق الدفاع الشرعى وفقا للقانون الدولى وجانب استخدام الدفاع الشرعى الوقائى محل نقد ، لأنه يعنى استخدام القوة تحت ستار الحرب ضد الإرهاب دون أن يكون هناك أى اعتداء حال تستخدم القوة ضده . ولهذا حذرت كثير من الدول من استخدام حق الدفاع الشرعى ضد الإرهاب قبل وقوع أى اعتداء وانتقد اتخاذ الدفاع الشرعى ذريعة للهجوم على العراق بدعوى أنه يحوز أسلحة الدمار الشامل ، وخاصة أنه قد تبين فيما بعد عدم وجود هذه الأسلحة.

اترك تعليقاً