السيمر / الثلاثاء 22 . 12 . 2015
كاظم فنجان الحمامي
قرأت منذ أيام دراسة معمقة لخبير مغترب من خبرائنا الوطنيين، هو الأستاذ (جبار علي اللعيبي). رجل شهدت له حقولنا الجنوبية في ساحاتها النفطية، وكانت له اسهامات ملموسة نهض فيها بمستوى خطوطنا الإنتاجية ومحاورنا التطويرية من رماد الانقاض والخرائب، التي خلفتها الغارات الجوية المدمرة عام 2003، ثم ارتقى بها إلى المستويات المذهلة، لكن مشاريع الإقصاء ورغبات المحاصصة الوظيفية هي التي كانت له بالمرصاد، فكان مصيره التغريد خارج السرب.
اللعيبي من أشد الداعين إلى ضرورة تبوأ العراق المراكز المتقدمة في أسواق النفط العالمية، ومن أكثر المطالبين باستغلال موارد الثروات النفطية في تعزيز أركان اقتصادنا الوطني، وتدعيم قواعدنا الانتاجية الأخرى.
كتب داسته تحت عنوان تقليدي (صناعة النفط في العراق)، لكنها كانت أشبه بورقة عمل مكتوبة بلغة مبسطة، أو أشبه بحقيبة صغيرة تحمل مفاتيح الحلول الوطنية المتاحة لتجاوز الأزمات، وتخطي العقبات، والتنفيس عن الاختناقات، ناهيك عن الخطوات المصيرية، التي يراها مناسبة لتصحيح المسارات المتعثرة، ويسلط الأضواء في ختام دراسته على المسؤوليات الوطنية والإنسانية التي تستدعي النهوض بشكل فاعل وجدي ودؤوب من أجل انقاذ هذا القطاع الحيوي، وانتشاله من دوامات الضبابية المضطربة، التي عصفت بكل شيء تقريباً.
يقترح اللعيبي أربعة محاور انتقالية متوازية. يرسم فيها ملامح مضمار الانطلاق الصحيح نحو آفاق المسارات الجديدة، والتي يبدئها بإعادة هيكلة وزارة النفط كخطوة استراتيجية أولى، ومن ثم إعادة تشكيل شركة النفط الوطنية العراقية كخطوة ثانية، وتشكيل المجلس الاتحادي للنفط والغاز كخطوة ثالثة، وتشريع قوانين النفط والغاز كخطوة رابعة مكملة للخطوات الأخرى. فالعراق يمتلك ثروات هيدروكربونية هائلة لابد من استغلالها في إعادة إعمار العراق وتنميته، وبالتالي فإن التعامل مع هذه الثروات الطبيعية يختلف اختلافاُ جذريا عن التعامل مع المصادر الانتاجية الأخرى، الأمر الذي يستدعي تبني سياسات نفطية رشيدة ومتوازنة ترتكز على الأسس العلمية والعملية، وبخلاف ذلك فأن أي خطوة خاطئة، أو غير مدروسة، قد تودي بما بنيناه في السنوات الماضية، وقد تزيد من عتمة المشهد الضبابي الذي تواجهه أقطار المنطقة في هذه المرحلة الحالكة، وربما تتسبب في تكرار الكبوات وتعميق العثرات.
ختاما نقول: ما الذي يمنعنا الآن من التفكير بجد من أجل تشكيل مجلس لخبراء النفط، نجمع فيه المغتربين والمستبعدين تحت سقف وطني واحد، ونتحاور معهم مرة كل شهر في حلقة نقاشية مفتوحة، نتصدى فيها لمشاكلنا المستعصية، ونعالجها بقلوب وطنية صادقة، حتى لا نحرم العراق من عطائهم الزاخر، وحتى لا نحرمهم من استحقاقاتهم الوطنية.