الرئيسية / مقالات / حدود اللامحدود

حدود اللامحدود

السيمر / الجمعة 28 . 04 . 2017

سهى بطرس قوجا

اللامحدود في حياة الإنسان كثير وغير محدد ولا حدود لهُ، ولكن ذاك اللامحدود ما يكون؟!
معاني، أشياء، سلوكيات وقيم جميلة ونادرة عندما تأخذ مداها ومعناها في حياة أي فرد عندها لا يكون لها حدود، لأنها تمتد في داخله كما النبع المتدفق من بين صخور الجبال، مصدرها معروف ولكن إلى أين تجري وأين تصب لا نعرف؟! هي صافية ونقية وتصلح للشرب، تصلح لإرواء جسد الإنسان وتنعش روحه ويكون لها مذاق خاص على الرغم من أن الماء لا مذاق له! كذلك ذلك اللامحدود يولد ويهب ويمنح ويوسع ويعلم ويعطي ويزيد ويؤثر ويحدّ حدود لكل ما من شأنهِ أن يبقيه أن يكون في طور التطور، ببساطة يعني أنه يكون بلا حدود حينما الإنسان ذاته بمعرفته وقدرته على ضبط وسيطرة نفسه يجعله كذلك، يجعله الكل من الكل في حياته وليس الجزء من الكل أو فاصلة توقفه عند حدٍ.
لكن الحياة لا تصفى مما فيها ومياهها لابد من أن تتكدر حينما طفل صغير يرمي حجر فيها مُحاولا اللعب بها وتسلية نفسه! كما أن سمائها عندما تمطر تمنع الطيور من التحليق في فضائها، مما يجعلها تبقى في جحورها مختبئة! هكذا أيضا بعض التصرفات والسلوكيات الغير مقبولة من قبل البعض تجعل ذلك اللامحدود تحده حدود وتجعل الإنسان نفسه يكون محدود في كل شيءٍ بحياته! محدود الثقة، محدود الصبر، محدود الهبة والقدرة .. الاستقلالية .. الكلمة .. الظهور .. النفس .. الخلق .. المصالحة .. الإدراك .. الإمكانية .. الاستطاعة .. الأمل .. الكفاح .. المثابرة .. الحنين .. المحبة .. الإيمان .. القوة .. الهدف .. الصنع .. السؤال .. الشعور .. الإرادة .. الخطوة ….. ومحدود في إنسانيتهِ التي تتمثل بكل هذه مجتمعة بها، أليس كذلك؟! أدنى تصرف خاطئ في أحدى هذه المذكورة بالتأكيد سيكون لها تأثير على إنسانيته تجاه نفسه وتجاه الآخرين وتجعلها محددة في حدودها.
فما الذي يدفع العامل إلى الجهد والمثابرة والعمل الدائم، أليس أملهُ وطموحهِ اللامحدود في أن يحقق كيانه ويزيد من رزقه؟! أما الطبيب ما الذي يدفع به لمداواة مرضاه، أليست رسالته وأمله اللامحدود في شفائهم وإنقاذهم من مرضهم؟! وما الذي يدفع الإنسان من الاستمرار في الحياة؟ أليس رغبتهِ من أجل البقاء ؟! وما الذي يدفع بالوالدين في الجهد الحثيث بالحياة؟ أليس من أجل أبنائهم ومستقبلهم وحياة أفضل بلا حدود لهم أو عوائق؟!
هذه جميعها معاني يعطي لها الحضور الدائم في الحياة والوجود اللامحدود، وبالتأكيد أن سعينا للمعكوس والضد منها، فأنه سيحدها الكثير من الحواجز وينقطع تواصلها ويكون تواجدها مثل عدمها، لزوال معناها وقصر بقائها وأيضا لأننا أوقفنا تقدمها وتواصلها وزرعنا بذرة اليأس فيها!
فلنجعل لكل شيءٍ جميل لا حدود له في حياتنا، لكي لا نعيش حياة محددة ومحصورة من ضمن نطاق معين بكل ما فيه من محدود، بل لنخطو ونعبر لكل ممكن في الحياة ليكون له حضور في حياتنا وحضور في حياة الآخر وأيضا يعطي للحياة معناها وجمالها اللامحدود بكل عمل نقوم به أو خطوة نتقدم بها، هي حياة يجب أن نسعى فيها لتسعى في داخلنا وترسخ كل جميل فيها فينا.

اترك تعليقاً