السيمر / الجمعة 28 . 04 . 2017
عبد الحمزة سلمان
خلق الباري الإنسان.. وبدأ التعلم بإستخدام العلامات والإشارات للتعبير عن متطلبات حاجته, وعلاقته الإجتماعية, والدفاع عن النفس عند الخطر, وإنتقل بعد ذلك لمرحلة النطق, وإستخدام الأصوات للتعبير عن أحاسيسه, وللتفاهم مع غيره .
بمرور الزمن وحاجة المرحلة, إنتقل لمرحلة جديدة, وهي مرحلة الكتابة, حيث أصبح يسطر الحروف في بدايتها على جذوع الأشجار, وأوراق البردي, وينقشها على الحجر, وجلود الحيوانات, مكونا كلمات تعني كثير من المعاني والتطور, الذي ساعد في إستخدام الكتابة, وتطورها المستمر والسريع, من بروز عدد من الأدباء والشعراء والعلماء, وتم تدوين علومهم وحضاراتهم, وتنظيم المخطوطات التي تطورت بمرور الزمن لمؤلفات, بما كان متوفر من مواد أولية أستخدمت للكتابة, تمثل الورق والأحبار في عصرنا الحديث .
العلم والمعرفة.. مرافق للبشر مع تطور الحياة, بقساوتها وظروفها القديمة والحالية, أثمرت مرحلة الكتابة, بنشأة طبقة تبحث وتطلب العلم والمعرفة, تكرست جهودهم ومعاناتهم من أجل الحصول على المعلومة, كان سفرهم يطول لأشهر وسنوات, ومنهم من فارق الحياة وهو يقطع مسافات طويلة واجه خلالها قسوة الطبيعة, ووعورة الأرض الجرداء, ولم يتراجع عن طلب العلم .
تطورت الحياة وتطور الإنسان, وتشكلت الطبقات الإجتماعية والشعوب, وأصبح الإنسان موزع على المعمورة, يتخذ منها أوطان له, وإمتهن مهنا فرضتها عليه الحاجة الملحة لها, كالزراعة والصناعة والتعليم والطب والأدب, التي كان نتاجها الطبقات, كطبقة العلماء والأطباء والأدباء والعمال والفلاحين, التي فرضتها حاجة المجتمع, مما أدى إلى سرعة التطور .
إنطلاق الثورة الصناعية وتطورها السريع, وفق متطلبات الحياة الجديدة, ومن نتائج هذا التطور إختراع آلة الطابعة, من قبل العالم الألماني يوهان غوتنبرغ عام 1447م, أحدث تطور كبير في عالم المطبوعات, وأصبح سهولة الحصول على كتب المعلومات والمعرفة, وتداولها ونشرها, وسد حاجة المجتمع إليها, لما يحتوي من طلاب وعلماء وباحثين, دفع إلى سرعة تطور هذه الآلة, وإنتاج أجيال جديدة ومتطورة ذات سرعة متفاوتة, وهكذا أصبح التطور العلمي والثقافي ينفذ إلى عقول البشر .
حاجة الإنسان للعلوم والمعرفة, وإستمرار التطور حالة ملحة على العلماء والمفكرين, لتطوير نتاجهم, والإنتقال لمرحلة جديدة, حيث تم إنطلاق عالم الإلكترون, والثورة الإلكترونية,التي كانت مكملة لتطور الثورة الصناعية التي سبقتها .
ساعد التطور الإلكتروني, وتطور جهاز الحاسوب بعد مروره بعدة مراحل, إلى أن وصل للحالة التي عليها الآن, دخول مرحلة ثورة علمية كبيرة, هي عالم الأنترنت والشبكة العنكبوتية, ويمثل العلماء هذا التطور, بالقول أن العالم أصبح قرية صغيرة, أو بمثابة عمارة متعددة الطوابق, لم تتوقف رغبات الإنسان للتطور على ما هو عليه الآن, من الأجهزة الذكية والحواسيب, ويستمر تطورها جيل بعد جيل, وبسرعة فائقة .
يفرض علينا الواقع الذي نعيشه أن نقف أمام نقطتين هامتين أولهما:- الحاجة لتطور العلوم, الذي يواكب تطور مراحل الحياة, وحاجة الإنسان للأجهزة والحواسيب لدخول كافة ميادين الحياة, وإستخدامها في التطورات الصناعية والطبية والتقنية …الخ, التي نحتاجها في حياتنا اليومية, ولا يمكن الإستغناء عنها, بعدما أصبحت حالة أساسية, من متطلبات الحياة والمجتمع .
النقطة الثانية :- التي تعد أكثر خطرا في حياتنا اليومية, والإستخدامات الخاطئة للأجهزة والأنترنت, التي تؤثر على الحياة العامة للمجتمع, ثم الغزو سواء كان مقصود أو غير مقصود, بنشر العادات الغربية, التي تتنافى مع عادات وتقاليد المجتمع المحافظ, ومبادئ الدين الإسلامي في المجتمعات المسلمة, الذي سبب كثير من الكوارث في المجتمعات المحافظة والمسلمة, يداهمنا الخطر الذي دخل البيوت, بسبب تطور أجهزة الحواسيب والهواتف الذكية, وإرتباطها بشبكات الأنترنت البعيدة عن المراقبة, وسوء إستخدامها, والغزو الشيطاني الذي يرافق التطور, والإعداد للحرب الفكرية للإنسان, التي تنقل حياته لمرحلة متطورة, ولكن أكثر صعوبة من سابقتها, التي كانت تتمثل بالبساطة والفطرة .
الحرب الفكرية وغزو العقول, أشد إيلاما, وأكثر عذابا من إستخدام قوة الجسد في الحروب السابقة والحالية .
مع الإجلال للخالق العظيم تعد عدة أعداء الإنسانية, وفق برامج متطورة وحديثة, تسعى لنقل البشر من حالته الإنسانية, إلى تجريده من مبادئه وأخلاقه وعقيدته, إلى الإبتعاد عن الإنسانية, ليقترب من الخلق الآخر, وهو الحيوان, الذي ينهج نهجه شعوب الغرب, التي لا ترتبط بعقيدة, أو دين سماوي .
يحيط الخطر بنا, ويطرق الأبواب, ليجد المنفذ لدخول البيوت مع الأجهزة المتطورة, التي تستوجب الحصانة والحذر, والصمود أمام عصف التطور وخطره.