الرئيسية / مقالات / وحي الصدور 66

وحي الصدور 66

السيمر / الثلاثاء 22 . 05 . 2018

معمر حبار / الجزائر

1. قال الله تعالى: “وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الارض قالوا إنّما نحن مصلحون” البقرة 9. أسوء أنواع الفساد وشرّ المفسدين من اعتقد أنّه المصلح بفساده، لأنّ المفسد إذا اعترف بفساده أمكن علاجه والتّخفيف من شرّه ومساعدته على نبذ ما ابتلي به آجلا أم عاجلا.
2. الله تعالى طلب من الملائكة أن يسجدوا لسيّدنا آدم عليه السّلام قائلا: ” وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا” البقرة32، بعدما “وعلّم آدم الأسماء كلّها “ثمّ عرضهم على الملائكة” البقرة 29. ما يعني أن الله تعالى قدّم للملائكة عالما خبيرا مدركا بشأنه وبمن حوله. الطاعة لا تكون لجاهل ولا يمكن للمرء أن يطلب من غيره أن يطيعوا جاهلا غير عارف. ومن كان عالما كان أحقّ من غيره بالاقتداء والاتّباع واستحقّ أن ينادي النّاس لأجله أن هذا عالم فاقتدوا به تسلموا.
3. بنو إسرائيل طلبوا من سيّدنا موسى عليه السّلام: “وإذ قلتم ياموسى لن نومن لك حتّى نرى الله جهرة فأخذتكم الصّعقة وأنتم تنظرون” البقرة 53، فلم يجبهم وأيّد نبيه بالعصا “فقلنا اضرب بعصاك الحجر”58 وفي موقع آخر “اضرب بعصاك البحر”. ما دام الإنسان تهزمه عصا لماذا إذن يصرّ على التعجيز.
4. قال الله تعالى: “قالوا الآن جئت بالحقّ فذبحوها وما كادوا يفعلون” البقرة69. بنو إسرائي لا يعترفون بالحقّ إلاّ إذا كان “حقّهم !”، فلا داعي أن يدّعي المرء أنّه سيقيم معهم علاقات سلام ويحاورهم فإنّهم لن يعترفوا بك ولا بحقّك، لأنّهم لا يعترفون بغير “حقّهم !” في النهب والسطو و الطرد.
5. قرأ الإمام قوله تعالى: ” كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْق قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا” آل عمران – الآية 37. أقول:
1) من قواعد التربية الحسنة أن يتفقّد المربي والوالدين الأبناء سواء شعروا بذلك أو لم يشعروا.
2) يكثر التفقّد من حين لآخر بما يتطلّب المقام ومستوى المتابعة ودرجة سلوك الابن.
3) رغم أنّ سيّدتنا مريم عليها السّلام كانت في المحراب منقطعة عن العبادة إلاّ أنّ ذلك لم يمنع سيّدنا زكرياء عليه السّلام من تفقدّها والاطمئنان عليها، ما يدلّ على أنّ الوالدين يتفقدان الأبناء ولو صلوا وصاموا وقرأوا القرآن وذكروا الله تعالى، فيقفان على حقيقة الطاعة التي يمارسها الأبناء، لأنّه قد يمارسون الطاعة خطأ فيصحّح لهم الوالدين ويقوّمونهم إلى الأحسن والأفضل.
4) سيّدنا زكرياء عليه السّلام لم يدعو ربّه إلاّ بعد أن تأكّد من سلوك سيّدتنا مريم عليها السّلام وبعد أن تفقّدها عدّة مرات فارتاح لسلوكها ولعبادتها، ولم يغترّ بعبادتها لأوّل مرّة وهي التي خصّصت حياتها وصغرها وشبابها للعبادة دون غيرها، ما يدل على أنّ تفقد الأبناء مطلوب من حين لآخر ولو تفرّغوا للعبادة.
5) رغم أنّ سيّدتنا مريم عليها السّلام ” تَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا” إلاّ أنّ ذلك لم يمنع سيّدنا زكرياء عليه السّلام من تفقدّها والوقوف على أحواله وهو النّبي الطاهر النقي.
6) سيّدنا عليه السّلام كان كفيل سيّدتنا مريم عليها السّلام ” وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا”، والكفيل مطالب أن يراعي الأمانة وأن يتفقّد أمانته والابن الذي وضع تحت تصرفه، ما يعني أنّ تفقد الكفيل والأمانة من تمام الحفظ وأداء الأمانة بحقّها.

اترك تعليقاً