السيمر / الاحد 17 . 02 . 2019
عباس البخاتي
تعتمد المدرسة السياسية الحديثة على مبدأ التلازم بين الاختصاص والموهبة الفطرية للسياسي أو القائد . رونق الإبداع والتميزه يتضح جليا، كلما كان هنالك ترابط بين موهبة الشخص وموقعه الذي يتصدى له، عن طريق مؤهلات التصدي وأسبابه المعروفة في أدبيات السياسة . المطلع على مسيرة هذا الرمز يلمس بوضوح تعامله الإنساني ضمن جوهر القضية، بالرغم من خطورة مجال عمله كسياسي لما يتطلبه هذا المجال من مناورات تفرضها المواقف. لا بدمن الاعتراف بصعوبة تفكيك المفاهيم, المتعلقة بالواجب الذي تحتمه الضرورة الإنسانية والواجب, الذي شرعه الدين وندب سبحانه وتعالى عباده للعمل وفق مقتضاه، كون الأول داخل ضمنا في إطار اهتمام البعد الديني, وإلا لكانت التشريعات عبثية بامتياز لولا اتخاذها التعامل مع البعد الإنساني كأداة لأهم معالجتها. بناء على ما تقدم يمكن القول إن المنهج السياسي الذي اعتمده الشهيد الحكيم, هو انطلاقا من المسؤلية الشرعية، وبذلك فهو عالج شأنا إنسانيا بأعتباره أحد مجالات البعد الديني الشامل . لقد نجح شهيد المحراب في أن يصنع من نفسه أنموذجا يشار إليه بالبنان لما يحمله من مؤهلات للتصدي للعمل السياسي، غايته خدمة الإنسان بإطار ديني بعيدا عن حالة التصوف والكهنوتية التي تعتبر من الصفات التي ينظر لرجل الدين من خلالها بنمطية متوارثة, تعاملت معه كإنسان سلبي وغير منتج ولا دراية له بما هو خارج جدران حجرته . أثبت الحكيم خلال مسيرته وعطائه خطأ هذه النظرة المألوفة عن رجل الدين ،من خلال ميدانيته واحتكاكه بمختلف شرائح المجتمع . يمكن اعتبار المقطع الزمني الذي لمع فيه نجم الحكيم امتدادا لحقبة زمنية لا ترى اجيالها في رجل الدين سوى إنسانا متعبدا, لكنه تمكن من تغيير تلك النظرة فقد كان على معرفة بحاجات المجتمع وحركته وشؤونه السياسية والاجتماعية والثقافية . التجربة الشخصية كان لها أثرا مميزا في مسيرته الجهادية الأمر الذي زاد من خبرته في تجاوز المنعطفات الخطرة التي واجهته في حياته، وهذا ما مكنه من تحمل المسؤولية ،فطالما أشار لبعض مقربيه بضرورة التصدي وممارسة الدور الإيجابي فكان خير قدوة للعاملين معه طيلة حياته . الاجتهاد في العمل كان من السمات التي تميز السيد الحكيم فطالما بذل الجهد والوقت بكل ما أوتي من طاقة وإمكانية لانضاج فكرة هنا أو إنجاح عمل هناك . التمتع بالرؤية الصحيحة للشأن السياسي والاجتماعي مكنته من الفهم الجيد للأحداث والظروف المحيطة به . يرى السيد الحكيم أنه لابد أن تكون للمتصدي رؤية واقعية للأمور ليتخذ الموقف المناسب حيالها . طالما تحدث مرافقوه في احاديثهم الخاصة عن توفر صفتي العزم والإرادة القوية وهذا واضح من خلال مواصلته لمسيرته الجهادية وتحمله لمسؤولية العمل واتخاذه للقرارات المنسجمة مع طبيعة الظرف الذي يحيط به . كما لاحظ ومن خلال ممارسته للعمل السياسي أن بعض الأشخاص قد تكون لديه صورة عن الأهداف لكنها مشوشة بحيث يصعب عليه التمييز بين القريب والبعيد منها، فكان يرى في القريب مقدمة للوصول إلى البعيد وهذا ما يمكن وصفه بأنه كان ناجحا في تمييزه للأهداف . إن مسألة ضمان وتشخيص حملة الهم الوطني, من الأمور التي أخذت حيزا مهما من اهتماماته, فكان ذي رؤية مختلفة عمن يحيط به كونهم لم يتمكنون من تشخيص المخلص الحقيقي فكانت لديه قدرة على إدراك الواقع السياسي وتحديد مواقف البعض وتفسير حركتهم