الرئيسية / مقالات / كلمات في آيات قرآنية ليس معناها الدارج (السنين)

كلمات في آيات قرآنية ليس معناها الدارج (السنين)

وكالة السيمر الاخبارية

فيينا / الجمعة 23 . 02 . 2024

د. فاضل حسن شريف

قال الله جل جلاله “ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات” (الاعراف 130): بالسنين أي بالقحط والجدب وليس المراد بالسنين أو الأعوام أي المدة المعروفة، أي السنة التي مقدارها 365 يوما. وبالتالي ليس المعنى نقص عدد سنين اعمارهم كما يتبادر للمفهوم الدارج والذي يؤدي ذلك خطأ في التفسير. جاء في تفسير الميسر: قال الله تعالى “وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ” ﴿الأعراف 130﴾ بِالسِّنِينَ: بِ حرف جر، ال اداة تعريف، سِّنِينَ اسم، بالسِّنينَ: سني الجوع. ولقد ابتلينا فرعون وقومه بالقحط والجدب، ونَقْص ثمارهم وغَلاتهم؛ ليتذكروا، وينزجروا عن ضلالاتهم، ويفزعوا إلى ربهم بالتوبة. وعن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قال تعالى: “ولَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ ونَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ” (الاعراف 130) ثم بين سبحانه ما فعله بآل فرعون، وأقسم عليه، فقال: “ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين” اللام للقسم، وقد يقرب الماضي من الحال، لأنه إذا توقع كون أمر، فقيل: قد كان دل على قربه من الحال، وآل الرجل: خاصته الذين يؤول أمره إليهم، وأمرهم إليه، ومعناه: ولقد عاقبنا قوم فرعون بالجدوب، والقحوط “ونقص من الثمرات” أي: وأخذناهم مع القحط واجداب الأرض بنقصان من الثمرات “لعلهم يذكرون” أي: يخافون فيوحدون الله، فلم يتذكروا.

جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى “وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ” (الاعراف 130) السنون جمع سنة وهي القحط والجدب، وكان أصله سنة القحط ثم قيل: السنة إشارة إليها ثم كثر الاستعمال حتى تعينت السنة لمعنى القحط والجدب. والله سبحانه يذكر في الآية ويقسم أنه أخذ آل فرعون وهم قومه المختصون به من القبطيين بالقحوط المتعددة ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون. وهما نوعان من الآيات التي أرسلها الله إلى آل فرعون، وظاهر السياق أنه أرسل ما أرسل منهما فصلا فصلا، ولذا جمع السنين ولا يصدق الجمع إلا مع الفصل بين سنة وسنة. وعن التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: كانت مصر تفيض بالخصب والعطاء، وقد فاخر فرعون بخصبها هذا، حيث قال: وهذِهِ الأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي. وقال المتنبي عن ثعالبها: فقد بشمن وما تفنى العناقيد. وأخذها اللَّه بالجدب وضيق العيش على عهد فرعون موسى ليرعوي عن غيه، ويستجيب لدعوة الحق.. وفي بعض الروايات إذا جار الولاة حبس المطر. وسواء أكان هناك علاقة بين ظلم الوالي والجدب على وجه العموم أم لم يكن، فان اللَّه عاقب آل فرعون لظلمهم لعلهم يذكرون قبل أن يقذف بهم في أعماق اليم.

عن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قال تعالى: “ولَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ ونَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ” (الاعراف 130) “السنين” جمع “سنة” بمعنى العام، ولكنّها إذا قرنت بلفظة “أخذ” أعطت معنى الابتلاء بالقحط والجدب، وعلى هذا يكون معنى أخذته السنة هو: أصيب بالقحط والجدب، ولعل علّة ذلك هي أن أعوام القحط والجدب قليلة بالقياس إلى أعوام الخصب والخير، وعلى هذا إذا كان المراد من السنة السنين العادية لم يكن ذلك موضوعا جديدا، ويتبيّن من ذلك أنّ المراد من السنين هي السنين الاستثنائية، أي سنوات القحط وأعوام الجدب. وكلمة “آل” كانت في الأصل “أهل” ثمّ قلبت فصارت هكذا، والأهل بمعنى أقرباء الإنسان وخاصته، سواء أقرباؤه أو زملاؤه ونظراؤه في المسلك والتفكير وأعوانه. ومع أنّ القحط والجدب أصابا حاشية فرعون ومؤيديه أجمع، ولكن الخطاب في الآية موجه إلى خصوص أقربائه وخاصته، وهو إشارة إلى أن المهم هو أن يستيقظ هؤلاء، لأنّ بيدهم أزمة الناس  أن يضلوا الناس، أو يهدونهم، ولهذا توجه الخطاب إليهم فقط، وإن كان البلاء قد أصاب الآخرين أيضا. ويجب أن لا نستبعد هذه النقطة، وهي أن الجدب كان يعدّ بلاء عظيما لمصر، لأنّ مصر كانت بلدا زراعيا، فكان الجدب مؤذيا لجميع الطبقات، ولكن من المسلّم أنّ آل فرعون وهم الأصحاب الأصليين للأراضي الزراعية وإنتاجها كانوا أكثر تضررا بهذا البلاء. ثمّ إنّه يعلم من الآية الحاضرة أنّ الجدب استمر عدّة سنوات، لأنّ كلمة “سنين” صيغة جمع، وخاصّة أنّه أضيف إليها عبارة “نَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ” لأنّ الجدب المؤقت والعابر يمكن أن يترك شيئا من الأثر في الأشجار ولكن عند ما يكون الجدب طويلا فإنّه يبيد الأشجار أيضا. ويحتمل أيضا أنّه علاوة على الجدب فانّ الفواكه والثمار أصيبت بآفات قاتلة كذلك. و من أجل أن يظهر اللّه تعالى عنايته و لطفه لموسى أكثر، و كذلك منح الفرصة للمنحرفين للهداية أكثر، قال لموسى بأن معاجزه ليست منحصرة بالمعجزتين الآنفتين، بل‌”فِي تِسْعِ آياتٍ إِلى‌ فِرْعَوْنَ وَ قَوْمِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ‌” (النمل 12). و يستفاد من ظاهر الآية أن هاتين المعجزتين من مجموع تسع معاجز”آيات” (النمل 12) موسى المعروفة، و قد استنتجنا ذلك من الآية (101) من سورة الإسراء، وإن المعاجز السبع الأخر هي: 1- الطوفان 2- الجراد 3- كثرة الضفادع 4- تبدل لون نهر النيل كلون الدم 5- الآفات في النباتات. و كل واحدة من هذه المعاجز الخمس تعدّ إنذارا لفرعون و قومه، فكانوا عند البلاء يلجأون إلى موسى ليرفع عنهم ذلك. أمّا المعجزتان الأخريان فهما 6- القحط “السنين” (الاعراف 130) 7- ونقص الثمرات. إذ أشارت إليهما الآية (130) من سورة الأعراف فقالت: “وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَ نَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ‌” (الاعراف 130)

اترك تعليقاً