فيينا / الأربعاء 08 . 01 . 2024
وكالة السيمر الاخبارية
د. فاضل حسن شريف
جاء في موقع الزيدي عن بحث في الزيارة والتوسل: أفلا ترى أن الله أمر بتعظيم بيته العتيق وتعبد عباده بالطياف حوله، والتقبيل لحجره، والتمسح به، والتذلل لله عنده، والإهراع إليه من كل فج عميق، ومكان سحيق: “ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا” (آل عمران 97)،:جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس” (المائدة 97)، “ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب” (الحج 32)، وكذلك أذن الله أن ترفع جميع بيوته، وهي حجارة لا تضر ولا تنفع، ولا تبصر ولا تسمع، فلم يكن ذلك شركا لله تعالى ولا عبادة لغيره ولا قبيحا، لما أذن الله به، بخلاف تعظيم الأصنام، وطيافة من طاف حولها من الأنام، واعتقاد شفاعتها عند ذي الجلال والإكرام، لما كان مما لم يأذن به الله ولم يشرعه، فلذا قال: “شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله? (الشورى 21)، والذي وردت الأخبار به من النهي عن اتخاذ القبور مساجد، لئلا يتشبه باليهود، والصلاة إليها وعليها فمذهب آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم القول بموجبه، لصحة النهي عن ذلك، وقد ورد النهي عن الصلاة في غيرها كالحمام والطرقات، كما قرر ذلك في مسائل الفقه، وكما أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمير المؤمنين عليه السلام أن لا يدع قبرا مشرفا إلا سواه، وذلك العهد في أثر المشركين. هذا، والمعلوم أن تعظيم شيء غير الله كتعظيمه جل وعلا أو إشراكه في العبادة، أو اعتقاد أن له تأثيرا فيما لا تأثير فيه إلا لله وحده، ضلالة وشرك، وكل تقرب إلى الله وتعبد له بما لم يشرعه من البدع المضلة، ولكن حاشا الله أن يفعله العالمون بالله الموحدون له سبحانك اللهم هذا بهتان عظيم “سبحان ربك رب العزة عما يصفون (180) وسلام على المرسلين (181) والحمد لله رب العالمين (182)” (الصافات 180ـ182). وقد أتينا بهذه العجالة وإن لم يستوف فيها الكلام لكونها قد توسعت دائرة الفتنة، وتصورت الشبهة في أذهان كثير ممن لا قدم لهم في العلم، وليسوا فيه براسخين في مثل هذه الأعصار، التي صار الإسلام فيها غريبا، وجناب الجهالات والضلالات منيعا رحيبا، “فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله” (آل عمران 7)، وهذا تصديق مواعيد الله على لسان رسوله بما يكون في آخر الزمن، من ظهور الفتن، وتغيير الأعلام والسنن، ولله حكمة بالغة: “قل اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون” (الزمر 46).
عن موقع عرفان: بعد أن أخرجت عقائد الزيدية من كتاب البحر الزخار، وقفت على رسالة مختصرة باسم العقد الثمين في معرفة ربّ العالمين لموَلّفه العلامة الاَمير الحسين بن بدر الدين محمد المطبوع باليمن، نشرته دار التراث اليمني صنعاء، ومكتبة التراث الاِسلامي بصعده وهي من أوائل الكتب الدراسية في حقل أُصول الدين والموَلّف من أجلّ علماء الزيدية، وأكثرهم تأليفاً وتعد كتبه من أهم الاَُصول التي يعتمد عليها علماء الزيدية و يدرسونها كمناهج. فصل (في أنّ اللّه تعالى واحد) فإن قيل: أربّك واحدٌ لا ثاني له، أم لا؟ فقل: بلى هو واحد لا ثاني له في الجلال، متفرد هو بصفات الكمال؛ لاَنّه لو كان معه إله ثان لوجب أن يشاركه في صفات الكمال على الحد الذي اختصّ بها، ولو كان كذلك لكان على ما قدر قادراً، ولو كان كذلك لجاز عليهما التشاجر والتنازع، ولصح بينهما التعارض والتمانع، ولو قدّرنا هذا الجائز لاَدى إلى اجتماع الضدين من الاَفعال، أو عجز القديم عن المراد، وكل ذلك محال، تعالى عنه ذو الجلال؛ لقوله: “لَوْ كَان فِيهِمَا آلِهَةٌ إلاّ اللّه لَفَسَدَتا” (الاَنبياء 22)، ولقوله عزّ قائلاً: “أَم جَعَلُوا للّه شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيءٍ وَهُوَ الوَاحِدُ القَهَّارُ” (الرعد 16) فتبين أنّ الخلق يشهد بإله واحد، وأنّه ليس هناك خلق ثانٍ يشهد بإله ثان، وهذا واضح؛ فإنّ هذا العالم دليلٌ على إله واحد وهو الذي أرسل الرسل، وأوضح السبُل. ويَدُل على ذلك قوله عزّ وجلّ: “فَاعْلَمْ أَنّهُ لا إِلهَ إلاّ اللّه” (محمد 19)، وقوله: “شَهِدَ اللّه أَنّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ وَالمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُوْا العِلْمِ قَائِماً بِالقِسْطِ” (آل عمران 18)، وقوله: “وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌج” (البقرة 163)، وقوله: “قُلْ هُوَ اللّه أَحَدٌ” (الصمد 1).
جاء في الدرر السنية للمشرف علوي عبد القادر السقاف عن زيدية اليمن: وزيديَّةُ اليَمَنِ يُقَلِّدون غالبًا الإمامَ الهاديَ يحيى بنَ الحُسَينِ، وهم يُنسَبون إليه، فيقالُ لهم: الهادَويَّةُ. وكان الهادي يدعو في كتُبِه إلى مَذهَبِ الشِّيعةِ الزَّيديَّةِ الجاروديَّةِ، لكِنَّه لا ينسُبُ نفسَه إلى أبي الجارودِ، فهو أشرَفُ في نَفسِه من أن ينتَسِبَ إلى أبي الجارودِ الكوفيِّ الذي لم يكُنْ من أهلِ البيتِ. إنَّه كان يحمِلُ قَولَه تعالى: “فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ” (النحل 43) على عُلَماءِ أهلِ البيتِ دونَ غَيرِهم من عُلَماءِ الأمَّةِ. وكان يُفَسِّرُ قَولَ اللَّهِ تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ” (النساء 59) بأنَّ المرادَ بأُولي الأمرِ أهلُ البَيتِ دونَ غَيرِهم من حُكَّامِ المُسلِمين. وكان يرى أنَّ معنى قولِ اللَّهِ تعالى: “قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ” (آل عمران 26) أي: يؤتي المُلكَ مَن يشاءُ من الأنبياءِ ثُمَّ الأئمَّةِ مِن بَعدِهم، والذين يشاءُ أن يَنزِعَه منهم هم أعداؤه جَبابرةُ الأرضِ. وقال الهادي: (مَن أنكَرَ أن يكونَ عَليٌّ أَولى النَّاسِ بمقامِ الرَّسولِ صلَّى اللَّهُ عليه وآلِه فقد ردَّ كتابَ اللَّهِ، وأبطَلَ قَولَ رَبِّ العالمين، وخالف في ذلك ما نطَق به الكِتابُ المُبينُ، وأخرج هارونَ من أمرِ موسى كُلِّه، وأكذَبَ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وآلِه في قَوِله، وأبطَلَ ما حَكَم به في أميرِ المُؤمِنين، فلا بُدَّ أن يكونَ مَن كَذَّب بهذين المعنيينِ في دينِ اللَّهِ فاجِرًا، وعند جميعِ المسلِمين كافِرًا حَدَّثني أبي عن أبيه أنَّه سُئِل عن إمامةِ عَليِّ بنِ أبي طالِبٍ رحمة اللَّهُ عليه: أفرضٌ هي من اللَّهِ؟ فقال: كذلك نقولُ، وكذلك يقولُ العُلَماءُ من آلِ الرَّسولِ عليه وعلى آلِه السَّلامُ، قولًا واحدًا لا يختَلِفون فيه؛ لسَبقِه إلى الإيمانِ باللَّهِ، ولِما كان عليه من العِلمِ بأحكامِ اللَّهِ،… وهذا بَيِّنٌ والحمدُ للهِ لكُلِّ مرتادٍ طالِبٍ في عَليِّ بنِ أبي طالِبٍ رحمةُ اللَّهِ عليه، لا يجهَلُه إلَّا متجاهِلٌ جائِرٌ، ولا يُنكِرُ الحقَّ فيه إلَّا ألدُّ مكابِرٌ، حَدَّثني أبي عن أبيه أنَّه سُئِل عمَّن حارب أميرَ المُؤمِنين، وعمَّن تخلَّف عنه في حَربِه فلم يكُنْ معه ولا عليه؟ فقال: مَن حارَبَه فهو حَربٌ للهِ ولرَسولِه، ومَن قَعَد عنه بغيرِ إذنِه فضالٌّ هالِكٌ في دينِه).
عن کتاب التعرف على زيدية اليمن للمؤلف يحيى طالب مشاري الشريف: ورد في العقد الثمين للأمير حسين بن بدر الدين مايلي: فإن قيل: فماذا تدين به في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ فقل: أدين الله تعالى أنه يجب الأمر بالمعروف الواجب والنهي عن المنكر، لقوله تعالى: “ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون” (آل عمران 104)، وإنما قلنا: إنه يجب الأمر بالمعروف الواجب، لإجماع المسلمين أنه لا يجب الأمر بالمعروف المندوب، فلم يبق إلا القضاء بالأمر بالمعروف الواجب مع الإمكان، وإلا بطلت فائدة الآية، ومعلوم خلاف ذلك، وقلنا: يجب النهي عن كل منكر لإجماع المسلمين على ذلك، ولأن المنكرات كلها قبائح فيجب النهي عنها مع الإمكان، كما يلزم الأمر بالمعروف الواجب مع الإمكان. فإن قيل: فماذا تدين به في الوعد والوعيد؟ فقل: أدين الله بأنه لا بد من الثواب للمؤمنين إذا ماتوا على الإيمان مستقيمين، دخولهم جنات النعيم “لا يمسهم فيها نصب وما هم عنها بمخرجين” (الحجر 48) (خالدين فيها أبدا). وأدين الله بصحة ما وعد به من سعة الجنة، وطيب مساكنها، وسررها الموضوعة، ومآكلها المستلذة المستطابة، وفواكهها الكثيرة التي ليست بمستقذرة ولا آسنة، ولا متغيرة ولا آجنة، وملابسها الفاخرة، وزوجتها الحسان الطاهرة، وأدين الله تعالى أنه لا بد من عقاب الكافرين في جهنم بالعذاب الأليم، وشراب الحميم، شجرة الزقوم طعام الأثيم، وأنهم يخلدون فيها أبدا، ويلبسون ثيابا من نار، وسرابيل من القطران، كلما نضجت جلودهم بدلهم الله جلودا غيرها ليذوقوا العذاب، وكل ذلك معلوم من ضرورة الدين.
وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات