الرئيسية / مقالات / مصطلحات قرآنية والبصرة (ح 20): أسماك (ومن كل تأكلون لحما طريا)

مصطلحات قرآنية والبصرة (ح 20): أسماك (ومن كل تأكلون لحما طريا)

فيينا / الثلاثاء 18 . 02 . 2025

وكالة السيمر الاخبارية

د. فاضل حسن شريف
 
جاء في جريدة طريق الشعب عن سوق (البصرة القديمة) وجه الفيحاء المشوّه بتأريخ 4  شباط/فبراير 2023: باعة السمك يهجرون السوق: الكثيرون من باعة السمك في سوق (البصرة القديمة)، وبسبب تدهور الواقع الخدمي في مكان عملهم وضعف إقبال المتبضعين عليهم، اضطروا إلى مغادرة السوق والتحول إلى باعة جوالين. إذ اشترى بعضهم عربة خشبية وآخر ستوتة أو سيارة (بيك آب)، يحمّل فيها اسماكه ويتجول في الأحياء السكنية. هذا الأمر خلق مشكلة جديدة. إذ إن نقل الأسماك وعرضها وبيعها بهذه الصورة مخالف للشروط الصحية، ناهيك عما يخلفه ذلك من فوضى وتشويه لنظام الحركة التجارية في المدينة. ويرى العديد من هؤلاء الباعة، في حديث لـ (طريق الشعب)، أن (من واجب الحكومة المحلية ودوائرها البلدية، الاهتمام بالسوق، من حيث تزويده بالبنى التحتية ومستلزمات التهوية ورفده بخدمات النظافة، فضلا عن تنظيم عمل الباعة بالشكل الذي يعكس الوجه الحضاري للمدينة). ويضيف الباعة، أن (الأمر لا يقتصر فقط على هذا السوق، إنما جميع الأسواق الشعبية في المدينة، ومنها سوق العشار. فمعظم هذه الأسواق تعاني ترديا من ناحية الخدمات، رغم كونها توفر فرص عمل للآلاف من الكادحين). ان إحياء الأماكن التراثية، ومنها سوق (البصرة القديمة)، مهمة إنسانية تقع على عاتق الحكومات والمواطنين أيضا. لذلك، يتوجب على الجهات المسؤولة، لا سيما دائرة البلدية، إيلاء هذا السوق الاهتمام الذي يستحقه والذي يوازي قيمته التاريخية.  
عن في تفسير الميسر: قوله سبحانه “وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَـٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ ۖ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا ۖ وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ” ﴿فاطر 12﴾ سائغ اسم، ذب اسم، فرات صفة، مرج فعل، ملح اسم، أجاج اسم. عَذْبٌ فُرَاتٌ: حلو شديد العذوبة. مِلْحٌ أُجَاجٌ: شديد الملوحة والمرارة. ملح أجاج: شديد الملوحة و الحرارة أو المرارة. سائغ شرابه: مريء سهلٌ انحداره. وما يستوي البحران: هذا عذب شديد العذوبة، سَهْلٌ مروره في الحلق يزيل العطش، وهذا ملح شديد الملوحة، ومن كل من البحرين تأكلون سمكًا طريًّا شهيَّ الطَّعم، وتستخرجون زينة هي اللؤلؤ والمَرْجان تَلْبَسونها، وترى السفن فيه شاقات المياه، لتبتغوا من فضله من التجارة وغيرها. وفي هذا دلالة على قدرة الله ووحدانيته، ولعلكم تشكرون لله على هذه النعم التي أنعم بها عليكم.
جاء في موقع 964 عن صيادوا البصرة لـ964: هذا ما يجري خلال رحلاتنا في الخليج.. وسفننا تبحر حتى السعودية بتأريخ 2023: قال صيادون يبحرون بالزوارق الصغيرة في الساحل البحري للبصرة، ان رحلة صيد عادية تعود بنحو 30 كغم من مختلف اصناف السمك، لبيعها في المزاد اليومي الذي ينظم في مرسى “النقعة” جنوبي الفاو، لكن الأمر يختلف مع الزوارق (اللنجات) الكبيرة التي تبقى أسبوعا في عرض البحر، وتأخذها مياه الخليج الدافئة بعيدا حتى قبالة الساحل السعودي. 60 طراداً و30 سفينة وتتعدد وسائل الصيد في الساحل البحري العراقي، فهناك من يستخدم “اللنج” وهو سفينة متوسطة الحجم خشبية أو حديدية، تكون احيانا بطول 17 مترا. بينما يستخدم آخرون القوارب الصغيرة السريعة المعروفة محليا ب”الطرادات” حيث يمكنها الخروج إلى الصيد عدة مرات في اليوم، عكس اللنجات التي تذهب في رحلة صيد تستغرق أسبوعا في العادة. وقال البحارة ل964 ان نحو 30 سفينة صيد (لنج) و60 قاربا صغيرا من الطرادات السريعة، هو معدل النشاط اليومي في ميناء الصيادين في الفاو. حركة دؤوبة و”اليومية” 50 ألفاً. وترسو في ميناء “النقعة” المهمل كثيرا، عشرات “اللنجات” وهي سفن صيد خشبية أو حديدية متوسطة الحجم، وعشرات أخرى من قوارب الصيد الصغيرة. ووثقت كاميرا 964 حركة دؤوبة لعمال خدمة ينزلون سلال السمك ثم يحملون كل ما يحتاجه “اللنج” وصيادوه استعدادا لرحلة بحرية أخرى. يقول هادي وهو عامل في الميناء، خلال حديث لشبكة 964 “أحصل على 50 آلف دينار في اليوم مقابل عملي في نقل المؤن وسلال السمك”. 200 صنارة في زورق واحد: يتحدث الصياد نبيل متعب لشبكة 964 عن يوميات صيده في “الطراد” قائلا انه يقود الزورق الذي يبلغ طوله 9 امتار، والمصنوع من ال”فايبركلاس”، منطلقا ظهيرة كل يوم برفقة ولده إلى البحر. ويبقى نبيل في عرض البحر ليلة كاملة احيانا، ويعود بصيده فجر اليوم التالي. يضيف “افعل ذلك كل يوم تقريبا، أما في موسم غزارة الصيد مع السمك الزبيدي والصبور، فنمدد رحلة صيدنا أكثر قليلا”. نبيل يستخدم الشبك المعروف ب”الغزل” في صيده للسمك. ويتراوح طول الشباك التي يستخدمها بين (200-500) متر. كما انه يرمي صنارات صيد تتدلى من جانبي زورق الطراد، بنحو (100-200) صنارة، حيث يصيد “بأقصى طاقة” كي يعود بالمحصول إلى مزاد الأسماك في البصرة، “فالعراق كله ينتظرني هناك”.
وعن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله سبحانه “وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَـٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ ۖ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا ۖ وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ” ﴿فاطر 12﴾ قال تعالى: “وما يستوي البحران” يعني العذب والمالح ثم ذكرهما فقال “هذا عذب فرات” أي طيب بارد “سائغ شرابه” أي جائز في الحلق هنيء “وهذا ملح أجاج” شديد الملوحة عن ابن عباس وما بعد هذا مفسر في سورة النحل إلى آخر.
جاء في موقع منتديات كلداني عن البصرة كما عـرفتها للدكتور طلعت الخضيري بتأريخ 2 يناير 2022: الثروة السمكية: الثروة السمكية في البصرة متوزعة على الأهوار وشط العرب وساحل الخليج وما يتفرع منه بضمنه خور الزبير. ففي الأهوار تكثر أسماك المياه العذبة  حيث يصطادها الأهالي بالفالة (رمح بنهايته معدن مدبب) أو بالشبكة أما في شط العرب فكان  يستعمل (الكركور) للصيد وهو قفص من المعدن يترك في قعر النهر وبه الطعم تدخله السمكة ولا تستطيع مغادرته. وتكثر أسماك الماء الحلو في شط  العرب أمثال سمك الشبوط والحمري علاوة على الأسماك الموسمية التي تصعد من الخليج أمثال (الصبور) الذي يكثر في أوقات الربيع وأحيانا كان من الكثرة ورخص الأسعار بحيث كان المزارعون يستعملونه لسماد النخيل وهو سمك كثير الأشواك ولكن اشواكه غير مؤذيه وتهضم بسهولة إذا تم  ابتلاعها وكان أهل البصرة يتلذذون بأكله ويحشى بكثير من التوابل والتمر الهندي والثوم مما يؤدي اكلةُ الى العطش وضجر اكلهِ ولذلك قيل المثل “مثل الصبور مأكول مذموم”. وكان ضيوفنا القادمون من بغداد يعانون من مشقة في أكل الصبور وتجنب أشواكه. وفي فصل  الصيف يكثر سمك الشانك (مشابه لسمك الشعري في دولة الإمارات) في شط العرب قادماً من الخليج العربي ويصطاد بالشص (عصا تنتهي بالخيط والسنارة) أو بواسطة (البِلد) وهو خيط طويل ينتهي  بالطعم وبثقل يرمى بعيداً عن الشاطئ. ويصطاد سمك القرش (كوسج) خلال موسم الصيف ايضا بواسطه (البلد) ولكن بحبل غليظ و سناره  كبيرة. ويستعمل بعض الصيادون (السلية) وهي شبكة ترمى على شكل دائرة محملة بأثقال معدنيه على سطح الماء فتذهب الى الأعماق فتنكمش (تغلق) حيث تتعلق بها أسماك النهر. وأحيانا اخرى كان الأهالي يغلقون مدخل الأنهر الفرعية لشط العرب بشبكة بعد نهاية المد حيث تتعلق بها الأسماك عند حصول الجزر ومحاولتها الخروج من النهر وتسمى العملية (يسكر النهر). ويتم اصطياد سمك الصبور في فصل الربيع ويسمى الصيادين (الهيالة) حيث يمدون شباكهم الطويلة والمربوطة بزوارقهم ومثبت فيها كرب النخيل لكي تطفوا الشباك على المياه عبر شط العرب محمولة بتيار الماء الجاري، وتستمر هذه العملية لبضعة ساعات وبعدها يتم رفع الشباك مع الاسماك المتعلقة بها. ويكثر في شط العرب في أيام الصيف سمك القرش (الكوسج) ويفترس احيانا أرجل  السابحون من الصبية في النهر وكان منظر عادي أن نرى بعضهم في شوارع البصرة بأطرافهم المبتورة. سمك الزبيدي والمزلق يصطاد من الخليج، أما الروبيان فيكثر في الخليج والأهوار على حد سواء. وكانت تكثر على جانبي الأنهر الصغيرة السرطانات (أبو الجنيب) وكنا نستعمله كطعم لصيد الأسماك وخصوصا سمك الشانك.
تعتبر مخلوقات البحر من آيات الله “اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ” (الجاثية 12)، و “وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّة ” (البقرة 164). والبحر في اللغة هو المكان الواسع الذي يتجمع فيه المياه. والبحر في القرآن الكريم يحوي الماء المالح والعذب”وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ” (فاطر 12). بينما يطلق عادة البحر على الماء المالح والبحيرة والأنهار على الماء العذب. وسخر لكم البحر اي ان البحر بكل موجوداته في خدمة الانسان”وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا” (النحل 14). واكد القرآن على طراوة لحم البحر “وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا” (فاطر 12) لوجوده في متناول اليد اينما وجد الماء على الارض. وكل ذلك يتطلب الشكر”وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ” (فاطر 12).

وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات

اترك تعليقاً