فيينا / الثلاثاء 11 . 03 . 2025
وكالة السيمر الاخبارية
د . عادل عامر
تعد حماية المال العام أو المال المملوك للدولة من أهم اختصاصات وواجبات الحكومة، فهو حق أصيل للشَّعب في ثرواته العامَّة، وهو المُحرك الأساسي لنمو الاقتصاد في أي بلد، وهو الشريك الفاعل في بناء الوطن بكل قطاعاته، وحق الأجيال القادمة في ثروات أوطانهم، لذا تعمل الحكومات على إصدار القوانين التي من شأنها حماية المال العام، والتي تتطور بتطور مفهوم المال العام، وتشعباته في مختلف القطاعات والأنشطة، ويرتبط دائمًا قانون حماية المال العام بتضارب المصلحة، حيث يُعد تضارب المصالح إحدى أهم الأدوات في إهدار المال العام، لذلك توضع قوانين مُلزمة تتبنَّى عصرها عند الحديث عن تعديل القانون الذي يعمل على حماية المال العام، ويمنع الإضرار به عبر تضارب المصلحة بين العام والخاص.
تتعدد الجهات الرقابية في مصر كلا في اختصاصه للحفاظ على المجتمع وحفظ الأمن القومى الداخلى للبلاد،
تعد هيئة قضايا الدولة من الهيئات القضائية الرئيسية في الدولة، وتتولى مسؤولية حماية المال العام للدولة وضمان تحقيق العدالة المالية والقانونية.
تعتبر هيئة قضايا الدولة حصنا قويا لحماية المال العام وضمان استخدامه بشكل شفاف وفقا للقوانين والأنظمة، ويسهم دورها في تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد المالي وتحقيق العدالة المالية في المجتمع.
وفي عهد السيسي لم تعد قضايا ضبط الفاسدين بمعرفةَ هيئة الرقابة الإدارية تعرف الخطوط الحمراء في العمل، بل إنها وصلت إلى القبض على وزراء ومسئولين كبار وهم لايزالون في مواقعهم، ولم يحل ذلك دون ضبطهم، بما يعزز من توجيهات الرئيس بأنه ليس هناك أحد فوق القانون مهما كان شأنه.
ولذلك كانت الرقابة بالمرصاد لكل من تسول له نفسه العبث بالمال العام وحققت العديد من القضايا خلال حكم السيسي وبأرقام كبيرة للغاية تخطت كل ما قدمته الهيئة من قضايا قبل سنوات طويلة منذ تأسيسها في ستينات القرن الماضي.
ولم يقتصر دور الرقابة الإدارية في عهد السيسي على ضبط الفاسدين، بل وضعت الهيئة خطة للمشاركة في جذب الاستثمار وتذليل العقبات بالتنسيق مع جهات عديدة في الدولة أمام المستثمرين الأجانب والمصريين لدفع التنمية وعجلة الإنتاج.
ونالت الهيئة إشادات عديدة في ذلك الملف.. كان أبرزها من شركة سامسونج العالمية والتي تعد أحد أهم الشركاء الأجانب في السوق الاستثماري بمصر حاليا.
وعملا على تنمية العنصر البشري وتقويمه قامت الرقابة الإدارية بإنشاء الأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد بموافقة الرئيس السيسي، والتي أصبحت الآن المكان الأكثر أهمية في مجال الدورات التدريبية لموظفي الدولة على أحدث النظم للإدارة ومواجهة الفساد، بل إن نشاط الأكاديمية امتد إلى التعاون مع دول أفريقية وعربية؛ بما يعمق من علاقات مصر وتوجيهها نحو إعادة بناء علاقات قوية مع كل الدول، وبما يعكس الدور المحوري للقاهرة في منطقة الشرق الأوسط.
نجاح الرقابة الإدارية في ملف مكافحة الفساد لم يكن بالأمر اليسير على أعضائها والذين لا يتجاوز أعدادهم نحو 800 عضو موزعين على جميع أنحاء الجمهورية في المحافظات والهيئات والوزارات، غير أن التحلي بالروح القتالية والاهتمام بايفاد الأعضاء إلى الخارج للحصول على أحدث التدريبات ََوالتعرف على آخر النظم بمجال مواجهة الفساد كان سببا في تصدر أعضاء الرقابة المشهد الخاص بمتابعة ضبط الفاسدين، وأصبح لهم النصيب الأكبر بين كافة الأجهزة الأخرى في مجال الحفاظ على المال العام.
اتباع أفكار جديدة في عمل الأجهزة الرقابية كان حاضرا وبقوة على أجندة قيادات الرقابة الإدارية، والتي عملت على إعداد ملفات كثيرة تساهم في علاج البيروقراطية ورفع كفاءة منظومة الجهاز الإداري الحكومي، ومنها ملف الحوكمة الذي ساهم في تعزيز قيم النزاهة والشفافية وإصلاح المترهل في الوزارات والهيئات المختلفة بالدولة، ولعل أفضل ماتشهده الرقابة الإدارية حاليا في عملها هو اتباع قياداتها لسياسة الاستكمال والابتعاد عن فكرة “انسف حمامك القديم”، التي اعتاد عليها مسئولو الدولة لسنوات طويلة قبل ثورة 30 يونيو..
فمع تولى الوزير حسن عبد الشافي رئاسة هيئة الرقابة الإدارية قبل شهور خلفا لنظيره شريف سيف الدين، قرر المضي خطوات في ملفات تطوير عمل أكاديمية مكافحة الفساد والعمل على إنهاء كافة الملفات التي بدأت الهيئة فيها وبشكل يعكس مدى التصالح مع النفس الذي يحظى به رئيس الرقابة الإدارية الجديد، خاصة أنه قادم للعمل فيها من القوات المسلحة مدرسة الوطنية.. كما أن سجل الرجل الوظيفي قبل توليه مهام قيادة الرقابة يمتلئ بالنجاحات والجهد الكبير في إنجاز مشروعات أفادت الدولة كثيرا.
لمال عصب الحياة، ومن أهم أداة لتعمير الأرض ليعين المرء على عبادة الله تعالى، فهو وسيلة إلى مرضاة الله تعالى، وهو نعمة من نعم الله على خلقه في الحياة الدنيا. وفي ضوء ذلك تُعد الأموال العامة إحدى دعائم المجتمع الإنساني، وقوام الأمم والمجتمعات والأفراد، ”ولقد عرفت الشرائع القديمة فكرة المال العام منذ القدم.
ومن هنا فقد أضحت الأموال العامة من أهم الموضوعات التي تعمل على تحسين وتطوير الكيان الاقتصادي والإداري في الدولة؛ وذلك بعد أن اختلفت وظيفة الدولة الحديثة والمعاصرة ودورها في حياة المجتمع عن وظيفتها ودورها في الماضي، حيث لم تعد وظيفة الدولة الحديثة ودورها مقصورين على حفظ النظام والأمن العام فقط، بل تعدت إلى المساهمة في النشاط الاقتصادي ومشاركة الأفراد في ممارسة هذا النشاط بأوجه عديدة ومختلفة. ولذلك، فقد حظيت الأموال العام باهتمام التشريع والفقه والقضاء باعتبارها الوعاء الذي تستخدمه الدولة في تدبير حياة أفرادها؛ فلذلك تنوعت أوصاف هذا المال وصور إنفاقه وتخصيصه. وتبعًا لذلك تنوعت الحماية القانونية لكل صورة منها؛ فإذا كان مخصصاً للمنفعة العامة أضحى من الأموال العامة ”الدومين العام” ويخضع لنظام قانوني مغاير للنظام الذي تخضع له الأموال الإدارية الخاصة ”الدومين الخاص”، والتي يقتصر الغرض منها على استغلال المال واستثماره وإنماء موارده والانتفاع بثمراته في ممارسة أنشطتها المختلفة. وتقوم الهيئة بدور هام في التوعية والتثقيف بشأن أهمية حماية المال العام والحد من الفساد المالي، وذلك من خلال حملات توعية ومبادرات تثقيفية.
تتولى هيئة قضايا الدولة دورا مهما في الدفاع عن مصالح الدولة والمواطنين في القضايا المتعلقة بالمال العام، وتمثيل الدولة في المحاكم والجهات القضائية.
تُعتبر هيئة قضايا الدولة شريكًا رئيسيًا في الحفاظ على المال العام وتحقيق العدالة المالية، وتضطلع بدور حيوي في تحقيق النزاهة ومكافحة الفساد المالي لصالح مصلحة الدولة والمواطنين.
وتعد هيئة قضايا الدولة، من أعرق الهيئات القضائية المصرية وتكون مسئوليتها حماية المال العام والدفاع عن شرعية الحكم والإدارة في الدولة، ولها ولاية النيابة القانونية عن الدولــة بسلطاتها قاطبة أمام القضاء في الداخل والخارج لتكون دفاعا قانونياً لصد كل معتدٍ على المال العام أو غادر بمصالح مصر وشعبها.
تاريخ هيئة قضايا الدولة المصرية إلى عام 1874 ميلادياً حين أنشئت تحت أسم لجنة قضايا الحكومة بموجب فرمان أصدره نوبار باشا آنذاك، ومن ثم فهي تعد أعرق الهيئات القضائية من حيث النشأة حيث تم انشائها قبل إنشاء المحاكم الوطنية عام 1883 بحوالي 8 سنوات تقريباً.
وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات