السيمر / الخميس 26 . 01 . 2017
صالح الطائي
الفسو اسم مصدره: فسا. وتصريفه: فسا يَفسُو، افْسُ، فهو فَاسٍ. وفسا الشخصُ: أخرج ريحًا بلا صوت يُسمع، ولكن رائحتها تسمعها الأنوف عالية مجلجلة!.
ومع كل مساوئ الفسو تجد من يسعى لأن يتسمى به وكأن جمال الأسماء قد نفد، مخالفا بذلك ما كان يسعى إليه رسول الله(صلى الله عليه وآله) من أجل إبدال الأسماء التي لا تناسب كرامة الإنسان بأسماء تستسيغها النفوس والعقول!
ومن هؤلاء عتيبة بن مرداس، وهو شاعر مقل، مخضرم، ممن أدرك الجاهلية والإسلام، هجَّاء خبيث اللسان، إذ اختار هذا الشاعر لنفسه اسم (ابن فسوة) وليس أبوه فسوة، بل هو لقب لزمه، علق به بسبب تسرعه وغبائه.
وقصة هذا اللقب أن ابن عم لعتيبة أقبل من الحج، وكان من أهل بيت يقال لهم بنو فسوة، فقال له: يا ابن فسوة، كيف كنت؟
فوثب الرجل مغضبا وركب راحلته، وقال: لعمر الله بئس ما حييت به ابن عمك! فقال له عتيبة: إنما قلت ذلك مازحا، انزل فأنا أشتري منك هذا اللقب، وأتسمى به، وظن أن ذلك لا يضره.
فقال ابن عمه: لا أفعل، أو تشتريه بمحضر من العشيرة كلها!
قال: نعم. فجمعهم، وأعطاه بردا وجملا وكبشين، فقال عتيبة: اشهدوا أني قبلت هذا النبز، وأخذتُ الثمن، فأنا ابن فسوة.
فزالت التسمية عن ابن عمه، وغلبت عليه، وهجي بذلك. قال فيه بعض الشعراء:
أودى ابن فسوة إلا نعتته الإِبِلا
وإن كانت البساطة والسذاجة والرعونة وسوء التدبير، اجتمعت سوية، وأوقعت الشاعر عتيبة في هذا المشكل الكبير والاسم الخطير، فإن أغلب سياسيينا المعاصرين، وهم كلهم من الهجائين، اختاروا لأنفسهم من خلال أعمالهم، وبمحض إرادتهم أوصافاً سمانٍ، ودفعوا لأجلها الأثمان، تتحول قبالتها التسمية التي اختارها عتيبة لنفسه إلى أريج فواح، وفخر لا يدانيه افتخار، تتغنى به الملاح.
وإن كان الناس قد سكتوا عن ذكرها في حياتهم على مضض، فإن من سيكتب الوافي بوفيات السياسيين العراقيين، سيحمل أثقالا ينوء بحملها لكثرة ما اختاره كل منهم لنفسه من قبيح الأسماء، التي لا يمحها لبس السواد والدعاء، ولا يجمعها وعاء!
ينظر: الوافي بالوفيات، صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي، ج19/ص294